وبَاء

لـ عبد اللطيف الكابر، ، في غير مصنف، 14

وبَاء - عبد اللطيف الكابر

في لحظةِ رقصٍ و دُعاءٍ و مُجون
أصاب البُكمُ الدّنيا و عمّها السّكون
لخبرٍ جَاوزَ في الحُمقِ الجُنون
قالوا ذي بدءٍ لا خوف و لا يحزنون
فجاء الغولُ من الشرقِ لاذيل و لا قُرون
خطف مِنَ النّاسِ منْ أثقلتهُ السّنون
وصبياناً بغدٍ ورديّ كانوا يحلُمون
فهذه روضةٌ لا صغارَ فيها يلعبون
وهذه مدرسةٌ لا تلاميذ يدرسون
لا عناقَ سادتي لا قُبلَ لا حُضون
لا طائرةً تطير
لا سيارةً تسير
لا درّاجةً في الحديقةِ لا بالون
بيوتُنا زنازيناً صارت و أوطاننا سُجون
قالوا لا حلّ حالاً فسِجناً و بعاداً و صابون
للشّاشات صارت مشدودةً كلُّ العيون
بين الأخبارِ خَبرٌ و آخرٌ في غُضُون
قيل الغولُ شرقيٌّ لا شكَّ و لا ظنون
وقيل غربيّ لا جِدال فيه لا طُعون
قيل قدرٌ وابتلاءٌ فهل نحنُ صابرون
و قيل جزاءٌ إستأهَلهُ الكافرون
أو هو ثوابٌ جدُرَ به المومنون
سمِعنا أنّه هزَم العمَّ سامٍ و صُهيون
و حُكيَ أنه منهم و لأمرٍ ما يخطّطون
قيل و قيل، سمعنا و حكى الحاكون
صُمّت آذانُنا من السّمعِ و لا كفّ القائلون
قد يكونُ بعضُ بعضِهم أو كلّهم صادقون
أو يكون كلُّ كلِّهم أو بعضهُم بشَّاكون
الحالُ سادتي أنّ الأرضَ و السماءَ دُجُون
الحال أن ما حلّ بنا على كلّ حالٍ طاعون
ضِعفُ نِصفِنا عن الصِّحةِ والصّحيحِ ساهُون
تُسمَع للبعوضةِ عطستُها من صمتٍ و سُكون
ولا تُسمع خُطى المحتلّ ولا ترِفّ له جُفون
تلك السّاحاتُ في بغداد و بيروت المصُون
و هونغ كونغ و في جزائرِ العسكرِ و تبّون
أنينُ البَشر و الحجَر رُمي في نُقرةِ الطّاحون
و الأعرابُ من شدّةِ البلاهةِ يُصفقون
بالسُّلطان والوليّ والأميرِ والمُشيرِ يُسبحون
لفتكِ عرضِهم،يا لسخائهم،الأَذُون يُوزّعون
فبِأيّ آلاء العقلِ منْ البلاهةِ يُكذّبون
فلهذه الحربُ هنا ضراوةٌ وهناك أَتون
هلّلو لفرسٍ وتركٍ وعُربٍ وكائنٍ مَن يكُون
غُضوا الأبصارَ عن سادتكم و العُيون
لمّا النقيرَ في بلادِ العُربِ يَدُعّون
قد صار،يا فرحَتكم، لكلٍّ منكم شارون
لا تُبالوا بكلامي فأنا كافرٌ بكم و مجنون
ولائي لأطفالِ قريتي مُنكسري العيون
قلبي للمحرومين وطنٌ فيه يعيشون
وعن موضوعِ الوباءِ رجاءً لا تسْألون
هاهُنا أُشرِعتْ مدارسٌ و خُتِمت سُجون
وهناك خِيطت أفواهٌ و سَغِبت بُطُون
لاتسألونِ عن كورونا فلا أدري ما يكُون
لكنّي للأرضِ و الخبزِ و السّلامِ لا أخُون
أنا في عِشقِ الأوطانِ مُتطرّفٌ حَدَّ الجُنون.
© 2024 - موقع الشعر