قبرُ البدور

لـ حسن الجزائري، ، في الرثاء، 5

قبرُ البدور - حسن الجزائري

إملأ رَماداً مِحجَري وَدموعي
إِذْما بَكَتْ مِمّا جَرى بِبَقيعِ

تِلْكَ القُبورُ كأنْجُمٍ أعداؤها
لَيْلٌ وَهَلْ سَكَنَ الظَّلامُ شموعي

فَلِيكتُبِ التّأريخُ أَنّ مُخَرِّفاً
تاقَ النَّفيسَ وإنَّهُ كَهَلوعِ

ما ظَنَّ أنَّ الحَقَّ يَصرَعُ جاهِلاً
كَمْ جاهِلاً لَقيَ الرَّدى كصَريعِ

ما ضُرَّ مَنْ سَكَنَ القُبورَ إذا اعتَدَتْ
قومٌ على هَدْمٍ بِقَبْرِ ضَجيعِ

قَبْرُ البُدورِ وَقَبْرُ آلِ مُحَمَّدٍ
حدٌّ سواءٌ أَصبَحوا كصَقيعِ

إنْ هُدِّمَتْ عَمَّرتُها، وَبَنَيْتُ صَرْ
حَاً والرَّكائِزُ مِنْ دَمي وَضلوعي

فيها الزَّكيُّ وَهَلْ لَنا غيرُ الحُسَيْ
نِ وَغَيْرُهُ سِبْطٌ لِخَيْرِ شَفَيْعِ

أعوامُ قَدْ بَعُدَتْ وَقَبْرُكَ لَمْ يَزَلْ
مأوى الظَّلامِ بِلا ضيا كَوَقيعِ

وإمامُ مَنْ قُرِنَ التُّرابُ بِجَبْهَةٍ
بِسِجودِهِ شَهِدَ الدُّجى وَرُكوعِ

زَيْنُ العِبادِ وَظُلْمُ دَهرٍ ما انتَهى
عُمْرٌ وَلَمْ يَزْهُ لَهُ بِرَبيعِ

وَعُلومُ مَنْ فيهِ العُلومُ تَجَمَّعَتْ
أَضْحَتْ بِباقِرها شَذاً بِضَليعِ

يَهْفو لَهُ مِنْ كُلِّ صَوبٍ سائِلٌ
بِالعِلْمِ نُروى والهَوى كرَضيعِ

أمّا وَرابِعُهم فَمَنْهُ تَبَلَّجَتْ
شِيَعاً لِمَذْهَبِهِ بِأَرضِ مَهيعِ

ما قامَ فَرْضَاً لِلصَّلاةِ لِربِّهِ
إلّا تَلَوَّنَ وَجْهُهُ لِخِشوعِ

أبناءُ طٰه والبَنونُ تَجَرَّعوا
مِنْ قَومِهمْ مِنْ صِنْعَةٍ وَصَنيعِ

هَجَموا على تِلْكَ القُبورِ كخَيْلِ بِنْ
سَعدٍ وَقَد سَحَقَتْ ضُلوعَ قَطيعِ

لكنَّ مُنقِذَنا يُشَيِّدُ بَعْدَما
يَبْدو لَنا مِنْ غَيْبَةٍ كَيَسوعِ

لِيُقيْمَ أَربَعَةَ القُبُورِ لِتَغتَدي
رُكْناً فَتُصبِحَ كَعبَةً لِفَزيعِ

وَفَدَتْ أُلوفٌ كي تَنَالَ بِسَعْيهمْ
وَتَطوفُ سَبْعَاً حَولَها بِجُموعِ

قُلْ لِلْمُغَيَّبِ أَنَّ قُبَّةَ جَدِّهِ
وأَبيه قَد هُدِمَتْ بِيَومِ مَروعِ

أ لِظُلْمِهمْ أروي؟ أم القومُ الَّذي
هَتَكوا وَعاثوا في الدُّنا كوَضيعِ

فالآن قَدْ صَحَّ الخِطابُ لِبِشْرِكُمْ
يا أهلَ يَثْرِبَ لا حِمى بِبَقيعِ

إِنّي شَكوتُ لِربِّكُمْ يا سادتي
لَيسَ الخِطابُ لِيائِسٍ وَجَزوعِ

لكنَّني بِفَمِ البلاغَةِ قُلتُها
لا ساجِعَاً والقولُ لا بِسَجيعِ

قبرُ البدور | الشاعر المهندس #حسن_الجزائري
© 2024 - موقع الشعر