عندما يبكي الرجال - سمير محمد العنتري

"عندما يبكي الرجال"
يبكي الرجالُ وما نَدَر
بكاءً
يُندي الحجرَ وأوراقَ الشجر
فعندما يبكي الرجال
ويَدمَع الأبطال
تموجُ سهولٌ وتهتزُّ جبال
تفيضُ الأنهارُ والبحارُ
دموعاً
لا تُكفكفُ
لا يوازيها ثمنٌ
لا ذهبٌ ولا أوزان
ليغتسلَ بها
الثَّرى وشواطئُ الأوطان
وتُختتنُ اللحى
طُهراً
من كل زيفٍ وُبهتان
وتصمتُ ألسنة الثرثرةِ والهذيان
تكتحلُ السماءُ
ألماً واملاً
لتُدهِشَ
كلُّ مَن هُوَ
تائهٌ حيران
تعتصرُ الشفاهُ صمتاً
وترتسمُ الابتساماتُ غضباً
وتنهيداً
على صَيفٍ مَضى
وعُنفوان
تنوحُ الحمائمُ
وتصدحُ
عنادلٌ وعِقبان
معاً
ترانيمَ حبٍّ وأحزان
على أفنانِ دَوْحٍ
وأغصانِ أدغال
لتبتلَّ القصائدُ
في كل دعاءٍ
وابتهال
تكتحلُ جفونُ الغُيارى
حياءً
بالأسى والاعتذار
وتذبلُ الأشواكُ
لتعانقَها
أزهارٌ واقحوان
تتفجِّرُ ينابيعُ الشجاعة
لترشِفَ منها
اقلامٌ
وينتشي الاحرار
تَجْبُنُ محنٌ
وتتبدّلُ احوال
تصحو
عيونُ الفجرِ
من اجداثها
لتُنعشَ روحاً
وتنتعشُ آمال
تعتصرُ
قلوبُ الأراملِ
والعَذارى
ويلوحُ بريقُ الدمعِ
في عيونها
وينسابُ بياضُ الأنوثة
من سوادِ خُمْرها
وتمتدُّ الأنامل
لتمسحَ بالدمع
دمعاً
لا يجفُّ
على خدود وطنٍ
وخلاّن
هنا
يعتصرُ الزيتونُ دمعاً
ليُشفيَ
كلَّ علّةٍ واعتلال
ويعتصرُ الصخرُ زيتاً
تضاءُ به شموعٌ
في وجه الظلام
وكل طغيان
بكاءُ الأبطالِ
ليس تباكياً
فهو لنبضِ الشّعر
وبيتِ القَصيدِ
عنوان
هو نبضاتُ
السواعد السُّمْر
وهمومُ انسان
هنا
تجفُّ دموعُ العُهْرِ
ويختفي الأنذال
دموعُ الأبطال
دموعُ وطنٍ لا يُهان
تكبرُ في عيون الزمن
وعيونِ كلِ امِّ، واطفال
أنها أوصالُ حبِّ
تطولُ القلوبَ
ولا تُطال
دمعٌ لا يُنسى
مهما العمرُ طال
إنهُ صمتُ الكلام
لا يعرفُ الغفوَ
لا يُنيمُ ولا ينام
في كل ثانيةٍ تمرُّ
وكلِّ عام
هو لحنُ الخلودِ والوفاء
وأنشودةُ المطر
وصدى الرعدِ اذا هَدَر
دموعُ الأبطال
ليست سحابةَ صيفٍ
كما يُقال
أنها هَلالُ خيرٍ
ومطر
تبقى في أُفق السماء
أُهلّةً
تغيبُ وتظهر
لتكونَ
تقويماً
في ليالي السَّهر
وتحليقاً
في فضاء الشِّعرِ
وكل خيال
عن كل قُدّاسٍ
واحتفال
هي مراسيلُ حبٍّ
وحمامٌ زاجل
يحملُ أشواقاً ورسائل
تقرأ فيها
أسمى المعاني والامنيات
في كل التراجمِ والمعاجم
بكل اللغات واللهجات
تقفُ على منصّاتِ العُلا
مناجيةً
أناشيدَ وطنٍ ورايات
احتفاءً
بطقوسِ
ميلادِ نجمٍ وقمر
***
الأستاذ سمير العنتري
1/1/2020
© 2024 - موقع الشعر