عُيُونُنَا تَبْكِي بِلَا دَمْعٌ - ماجد حميد حسين

مَا بَالُ الْبُكَاء يَا ذَوِي الْأَنْفُس عِنْدَ
التَّوْدِيعِ ذَوِيهَا يُّتملكهم حُبّ الْأَنْفُس

وَمَا نَفَع التَّجَنِّي بِمَا حَمَلَتْ
ذُنُوب الْغَيْرِ عِنْدَ كَرُوب ألابلس

وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَكْتَافِ مُشَيّعًا إنْ
شَمِلَتْ مَيْتَة دُون وَبَاء متنكس

هَنِيئًا لِبَنِي آدَمَ عِنْدَمَا يُفْرَش
لَهُ فِرَاشٌ التَّطْهِيرَ عِنْدَ التَّغْسِيل

بَعْدِهَا يَكُونُ لذويه الْعَزَاء يَوْم
يُورَد الرَّاحِل عَن ذَوِيه مستئنس

وَأَيّ مَيْتَة للراحل عَن الْجُمُوع أَن
تَكالَب الزَّمَانِ عَلَيْهِ يُدْفَن كَعُود يَابِس

فَأَيّ الْجُنَاة مِنْ الْخَلْقِ تَسَبَّب
بوباء قَاتَل وربهم لَهُم عَسَس

مِن شُكِى الْهُمُوم لِغَيْرِ اللَّهِ وَبِمَنْ
شَاء لَه يُنَكِّس بِالْجَبّ لَم يمسس

فَيَا حَال الْمَطِيَّة مِنْ وَلَدِ ألخيبت
أَنَّ جَمْعَ مَالَهُ مِنْ حَرَامٍ أُبْلِس

تَظُنّ أَنّ لَيْسَ لَك كَفَنًا تَرُوح
بالتعالي وغَيْرك دُون عَبْد متخمس

فَيَا لَهْفَ الْعِبَاد تَتُوق للملذات فِي
دُنْيَاهُمْ ونسوها بِالْجِنَان تَتَرَّس

فَيَا شَوْقِي أَهْل الْمُهِمَّات لِجَمْع
الشَّهَوَات بِكُلّ ما أتوا ذَنُوبًا تتكدس

وَفِينَا مَنْ كَثُرَ زُهْدِه يَنْسَى ذَوِيه
بالعراء بِلَا زَادٍ وَلَا بِالثِّيَاب يَلْبَس

وإنا لِلِاشْتِيَاق للأحبتي نهوى
لِلسَّبِيل مُنْيَة لجود الصَّبْر نتحسس

نبسطر رحانا بشغاف قُلُوبِنَا نَحْوُ
آلِ الْبَيْتِ أضرحة نُفُوسِنَا تهمس

فالْمَرْء يَبْسُطُ وَالدَّهْرُ يَقْبِضُ منها
وَالنَّفْسُ تَنْشُرُهَا وَالْمَوْتُ يَطْوِيهَا أَخْنَس

نُفُوسِنَا تَسِيل لهفا يَوْم الأَحْزَان
تَأْتِي عَلَيْنَا ذِكْرَى لِمُصِيبَة تئنس

لَعَمْرِي كَيْف بِالْعَيْش دُون السَّبِيل
أَفْئِدَة بَعْد الرَّحِيل تطحن وتطمس

وَرُوحًا مِنْ بَيْنِنَا تَحَلَّل مَا نَبَذَه
الشَّرْعِ بِمَا تَشْتَهِيه مِنْهُم الْأَنْفُس

وَمَنْ مِنّا صَان نَفْسِه وَعَاش بِزَمَان
صَعُب جَمِيل مافيه اِبْتِعَادٌ الْمَجَالِس

وَتَوَقِّي يانفس ولاتهوي نَحْو لذائذ
عَيْشِنَا فَإِن بِالْآخِرَة خَيْرٌ تُغْرَس

© 2024 - موقع الشعر