صِرْنَا قَصْعَةَ الأُمَمِ

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في العتب والفراق، 228، آخر تحديث

صِرْنَا قَصْعَةَ الأُمَمِ - أشرف السيد الصباغ

مِنْ أَيْنَ أَحْكِي فَبُغْضُ الْحَقِّ يَسْتَعِرُ؟
فِي كُلِّ حِينٍ فَلَا يُبْقِي وَلَا يَذَرُ

وَالْمَجْدُ مِنْ شُرْفَةِ التَّارِيخِ مُنْدَهِشٌ
مَا بَالُ أُمَّتِنَا لِلْقَاعِ تَنْحَدِرُ؟

إِخْوَانُكُمْ فِي بِلَادِ الصِّينِ وَاأَسَفَا
جِرَاحُهُمْ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ تَنْهَمِرُ

أَحْلَأمُهُمْ قَدْ جَفَاهَا النَّوْمُ مِنْ أَلَمٍ
وَاللَّيْلُ أَرْخَى سُدُولَ الْحُزْنِ وَالْقَمَرُ

وَقَدْ تَوَارَى الْأَسَى مِنْ حُمْرَةِ الْخَجَلِ
وَالْقَوْمُ فِي غَفْلَةٍ مَا نَالَهُمْ كَدَرُ

فَأَقْبَلَ الدَّمْعُ يَشْكُو الْقَمْعَ هَلْ سَمِعُوا؟
قَالُوا سَمِعْنَا وَلَمَّا نَدْرِ مَا الْخَبَرُ

وَأَدْرَجَ الْكَوْنُ سَهْمَ اللَّوْمِ فِي كَفَنٍ
قَالُوا نَعَيْنَا وَقَدْ دَارَتْ بِهِ الصُّوَرُ

مَاتَ الْحَيَاءُ فَلَا جَمْرٌ وَلَا غَضَبٌ
وَالصَّبْرُ سَمْتٌ وَلَيْسَ الصَّمْتُ يُغْتَفَرُ

شَعَائِرُ الدِّينِ قَدْ قَدُّوا إِقَامَتَهَا
فَلَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا سَفَرُ

تَبْكِي الْمَسَاجِدُ إِذْ دُكَّتْ مَعَالِمُهَا
مَتَى نُفِيقُ؟ مَتَى يَا قَوْمُ نَعْتَبِرُ؟

أَسْمَاؤُنَا أَطْفَؤُوا بِالْحِقْدِ شُعْلَتَهَا
أَحْلامُ أَطْفَالِنَا يَنْأَى بِهَا الْأَثَرُ

ذَبْحٌ وَحَرْقٌ وَقَهْرٌ دَائِمُ الْوَصَبِ
فَالصِّينُ جَاءَتْ بِمَا لَمْ يَأْتِهِ التَّتَرُ

وَهَمُّ تُجَّارِنَا كَسْبٌ عَلَى كَثَبٍ
وَلَمْ يُبَالُوا بِكُرْهٍ لَيْسَ يَسْتَتِرُ

تَدَاعَتِ الصِّينُ بِ " الْإِيغُورِ" فِي حَنَقٍ
مِنْ كُلِّ صَوْبٍ فَلَا يُحْصَى لَهُمْ خَطَرُ

دَارَ الزَّمَانُ فَصِرْنَا قَصْعَةَ الْأُمَمِ
دَبَّ الْهَوَانُ فَحَلَّ الْخِزْيُ وَالْخَوَرُ

وَالْقَلْبُ فِي كَمَدٍ وَالرَّأْسُ فِي سَمَرٍ
يَا قَوْمَنَا هَلْ يَرُدُّ الظُّلْمَ مُؤْتَمَرُ؟

جُمُوعُنَا كَغُثَاءِ السَّيْلِ مِنْ وَهَنٍ
وَالسَّيْفُ فِي غِمْدِهِ وَالزَّيْفُ يَفْتَخِرُ

وَالْوَاقِعُ المُرُّ فِيهِ الضُّرُّ مُنْتَشِرٌ
وَكُلُّ وَصْفٍ لِذِي الْأَهْوَالِ مُخْتَصَرُ

فَادْعُوا لَهُمْ كَي يَزُولَ الذُّلُّ مُنْكَسِرًا
إِنْ فَاتَكُمْ شَرَفُ الْهَيْجَاءِ وَالظَّفَرُ

وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ مِنْ عَجْزٍ يُطَوِّقُكُمْ
إِنْ تَخْذُلُوهُمْ فَرَبُّ الْعَرْشِ يَنْتَصِرُ

شعر / أشرف السيد الصباغ

مناسبة القصيدة

عَنْ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ؛ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهَنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. أَعْدَاءُ دِينِ الإسْلامِ ـ مِنْ قَدِيمٍ ـ لا يَدَّخِرُونَ فِي عَدَاوَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، وَلا يَسْتَظِلُّونَ مِنْ هُدَى الإيمَانِ فَيْئًا. وَفِي "الإيغُورِ" أَلْفُ شَاهِدٍ وَدَلِيلٍ. تَخَاذَلْنَا حَتَّى بِتْنَا فِي أَحْضَانِ الخَوَر. نَهَشَتْنَا أَنْيَابُ الذُّلِّ فَصِرْنَا قَصْعَةَ الأُمَمِ. وَشَرُّ النَّاسِ مَن انْقَطَعَ فِي اللهِ رَجَاؤُه، وَاتَّسَعَتْ فِي رِكَابِ اليَأْسِ أَرْجَاؤُه، وَخَابَ فِي الدَّنْيَا سَعْيُه، وَضَلَّ عِنَدَ الأحْدَاثِ وَعْيُه. ( بحر البسيط ) .
© 2024 - موقع الشعر