كأس مكسورة ..للآخرين ! - سعدية مفرح

تاريخ
وضعتُ الورقةَ على الطاولة
وأمسكتُ بالقلم الرصاص
لأكتب نشيداً في مديح الحرية ونبذ العنف وحق الأحياء المطلق في الحياة
عندما انتهيتُ
بدأ غناء ثلاثي للورقة والطاولة والقلم
يحكي تاريخ ثلاث شجرات قضت نحبها دونما سبب مقنع !
هدايا متبادلة
عندما تهترئ ثيابُ السماء اليومية في الليل
تهدي الأرضَ عبر ثقوب الأثواب
بعضا من جسدها المخبوء
نجوما متلألئة !
ماذا تهديها الأرض
عندما تهتريء ثيابها اليومية في الليل
غير دموع بشرية ؟!
صداقات
في النهارات المتشابهة
تنمو الشوارع حد الشيخوخة
وفي الشوارع المتشابهة
تنمو الصداقات حد الصبا
وبين نموّيْن نتوق لصداقات متشابهة بين النهارات المختلفة والشوارع الفتيّة .
وحشة
الصحراء ؟!
يا لوحشة البيت المتسع
وفراغه البائس المخيف .
الصحراء إذن ؟!
يا لوحشتها في فضاء المدن التي تعرض وتطول شوارعها بسرعة
والطائرات التي تطير على بعد منخفض
وهؤلاء الذين يفضون بلاهتها القديمة
من أجل عطلة نهاية أسبوع خالية من التلوث .
كأس مكسورة
يخلط ألوانه
كلما لاحت له عينان صالحتان للرسم
أو ذيل فستان ملون
أو منقار حمامة
أو حتى كأس مكسورة .
يضرب فرشاته النزقة في سديم البياض الممدد أمامه متحديا
كلما اتسع الفضاء وتناءت العلامات الفارقة .
يرسم
كلما ضج صدره ببكاء محبوس .
مرآة مستلقية
البساتين التي دأب على رسمها مؤخرا
لا أشجار فيها ولا تجري من تحتها أنهار الحليب والعسل .
البساتين التي يرسمها
لا تستوعب فضاءاتها إلا اللون الأزرق الباهت
وكأنها مجرد مرآة مستلقية على ظهرها
باتجاه السماء الملبدة بالأشجار التي تضن علينا بثمارها الفائرة النضج .
عتبات
ما بين اليقظة الكاملة
وولوج بوابة النوم رويدا رويدا
تتعبأ بالأفكار والحكايات والذكريات والحوادث اليومية .
ما بين لجة النوم
ولحظة الاستيقاظ رويدا رويدا
تفرخ القصائد العظيمة والصور الشعرية الباذخة .
على مكتبك ...
ما بين الورقة والقلم
تنسى الكلمات
وتهرب القصائد
وتتلاشى الصور !!
صديق
بائسٌ مثل رصيف ممطور
مرهف مثل أغنية صباحية لفيروز
غاضب مثل شاعر خمسيني
مزدحم مثل جريدة يومية
و ....... كذوب جدا
مثل أي صديق حميم .
فائدة
عندما جف ماء النهر
صار وادياً له ذكريات مبللة بالفراق
ولكن ضفتيه التقتا لأول مرة
وصار لهما مستقبل متسع رغم يباسه الجديد .
حظ
يا لحظّهِ ...
كان يرتب أحلامه
حين فاجأه التحقق !
يا لحظّهِ ...
كان يفرح بالتحقق وتبعاته الباهرة
حين فاجأه التلاشي المهين !
يا لحظّهِ ...
كان قد مات فعلا
حين فاجأته القصيدة !!
نسبية
أسود وابيض
بارد وساخن
عال ومنخفض
بعيد وقريب
........... إلخ إلخ
نبحث عن أحدهما دائما
وفيما بينهما تبدأ يومياتنا
وتنتهي .
رجل ما
كلما تبخر ماؤه إلى الأعلى
كَثُرَ المطر
بحرا لا يجف .
شجاعة
لتعلم الشجاعة طريقة واحدة
أن تصر على حب ما تشتهي
بقوة قصوى .
سادة
موتى يتناسلون
يتبادلون بعضهم
روحا بروح
وجثة بجثة
يمضون إلى موائد القبور متخمين
وينسون .
محاولة بدائية
يحاول دائما أن يكتب وصيته
لكنه يتراجع في اللحظة التي يسميها الأخيرة
ويبرر :
لا شيء يبدأ من النهاية
أو ينتهي في البداية
أشياء كثيرة لدي تحلم بحريتها الأولى
وهي تقف مشدوهة على حافة نهايتي
تستحق البقاء هكذا ..
بانتظار اجتماع الورثة الأول
بثيابهم السوداء
وعيونهم البراقة
وآلاتهم الحاسبة !!.
* * *
يحلم كثيرا بكتابة وصية خرافية
يكتبها عندما تكون حقيقة مؤجلة
لا مشروع ورقيا
يعني أن تطير مثل بساط الريح
وتتركه واقفا على شاطئ البداية
مثل مالك الحزين
يلتقط الأسماك بمنقاره الطويل
ميمما شطر البحر .
* * *
يتلاشى على سرير الفراغ
يستبدل كميات الدم والمصل الداخلة فيه
بحياة خارجة
لا يدري أين
تنسرب خفية بلا ملامح
ولا تترك وراءها سوى ما يطيح بالذاكرة .
* * *
يبتسم وهو يكاد يسمع أغنيته المفضلة تنساب في بداية النهار من غرفة الممرضات
ينقر بأصابعه النغم الموسيقي على سطح الخزانة الصغيرة
لكنه لا يسمع سوى أغنيته المفضلة
وثرثرة الممرضات الصباحية .
* * *
الذين يقودون سيارات نقل الموتى
يدخنون سجائرهم عندما يرغبون بذلك
ويقفون أمام إشارة المرور الحمراء
ويسمعون نشرة الأخبار
و يعرفون عنوان حمولتهم
لكنهم لا يعرفون اسم المتوفى
................
..........................
أنهم يحتفظون بالأوراق الخاصة بذلك على أية حال .
* * *
أوراق الأشجار لا تتساقط في الخريف !.
© 2024 - موقع الشعر