آلامُ الوَطَن

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في الوطنيات، 409، آخر تحديث

آلامُ الوَطَن - أشرف السيد الصباغ

فِي جَوْفِ لَيْلٍ حَالِكٍ مِنْ مِحْنَتِي
نَادَتْ بِلادِي أَيْنَ أَنْتُمْ خُلَّتِي؟

عُيُونُكُمْ مِنْ حُلْمِهَا فِي غَفْلَةٍ
أَمَّا عُيُونِي فِي سُهَادِ ظُلْمَتِي

كُلُّ الْبِلادِ إِنْ نَزَلْتُمْ أَرْضَهَا
مَرَدُّكُمْ رَغْمَ النَّوَى لِجَنَّتِي

طَاشَتْ بِكُمْ آمَالُكُمْ فَلْتَحْذَرُوا
كَمْ مِنْ غَرِيبٍ مَاتَ قَبْلَ عَوْدَةِ

نَادَيْتُكُمْ وَالْجُرْحُ مِنِّي قَدْ عَلا
مَتْنَ الْفُؤَادِ قَدْ أَصَابَ قُوَّتِي

أَحِبَّتِي نَارُ الْعِدَا تَأَجَّجَتْ
تَحَالَفَتْ قُوًى تُهِينُ عِزَّتِي

تَجَمَّعُوا مِنْ كُلِّ صَوْبٍ نَحْوَنَا
وَسْطَ الْخُطُوبِ قَدْ عَلَتْنِي دَهْشَتِي

كَمْ طَعْنَةٍ لِي فِي الدُّجَى قَدْ وَجَّهُوا
مَاذَا فَعَلْتُمْ إِذْ سَمِعْتُمْ صَرْخَتِي؟

كَمْ حَاقِدٍ يَدُسُّ سُمًّا فِي الْعَسَلْ
وَالشَّرُّ مِنْهُ قَدْ بَدَا فِي خِسَّةِ

كَمْ فَاسِقٍ يُبْدِي لَنَا سُوءَ الْعَمَلْ
حَذَّرْتُكُمْ فَهَلْ سَمِعْتُمْ صَيْحَتِي؟

كَمْ فَاسِدٍ قَدْ غَرَّهُ طُولُ الأَمَلْ
يَرْجُو لَنَا الْحَيَاةَ فِي مَذَلَّةِ

كَمْ مَاجِنٍ يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي الْخَنَا
فَلْتَنْهَضُوا لِتَحْفَظُوا كَرَامَتِي

وَكَمْ خَبِيثٍ رَافِعٍ عَقِيرَتَهْ
يَصُبُّ ظُلْمًا مُحْرِقًا مِنْ جَذْوَةِ

كَمْ نَاعِقٍ فِي بُوقِ إِعْلامٍ رَفَعْ
دَعْوَى الضَّلالِ قَدْ أَسَاءَ سُمْعَتَي

كُلُّ الأَعَادِي قَدْ بَدَوْا فِي وَحْدَةٍ
وَجَمْعَُنَا مِنْ فُرْقَةٍ لِفُرْقَةِ

أَسْمَاعُنَا قَدْ أَفْسَدُوهَا بِالْعَفَنْ
مِنْ خُبْثِهِمْ زَجُّوا بِنَا فِي غَفْلَةِ

هَوَاؤُنَا قَدْ لَوَّثُوهُ بِالْفِتَنْ
مَاجَتْ بِنَا أَمْوَاجُهَا يَا وَيْلَتِي

وَنِيلُنَا قَدْ لَطَّخُوهُ بِالدِّمَا
ضَاعَتْ حُقُوقِي مَنْ يَصُونُ حُرْمَتِي ؟

أَفْرَاحُنَا قَدْ لَوَّنُوهَا بِالشَّجَنْ
فَمَنْ يُعِيدُ فَرْحَتِي لِوَجْنَتِي ؟

آلامُنَا قَدْ ضَاعَفُوهَا بِالْحَزَنْ
حَتَّى غَدَا رُكَامُهَا مِنْ شِدَّتِي

تَأْرِيخُنَا قَدْ حَرَّفُوهُ مِنْ زَمَنْ
فَلْيَسْأَلُوا أَمْجَادَهُمْ عَنْ عِزَّتِي

أَمْوَالُنَا قَدْ بَعْثَرُوهَا فِي الأُمَمْ
صِرْنَا بِلا مَالٍ وَهُمْ فِي رَغْدَةِ

زُرُوعُنَا قَدْ أَتْلَفُوا حَصَادَهَا
مَا عَادَ يَنْمُو يَانِعًا مِنْ زَهْرَتِي

مَصَانِعِي قَدْ دَمَّرُوا إِنْتَاجَهَا
لِمَا رَأَوْا مِنْ بُعْدِكُمْ عَنْ صَنْعَتِي

مَسَاكِنِي فِي وَحْشَةٍ مِنَ الدُّجَى
كَمَا الْقُبُورِ إِنْ نَظَرْتُمْ نَظْرَتِي

كَانَتْ لَنَا رِيَادَةٌ نَسْمُو بِهَا
أَجْدَادُكُمْ قَدْ شَيَّدُوا لِي نَهْضَتِي

أَحْقَادُهُمْ يَرْوُونَهَا بِالْحَنْظَلِ
حَتَّى اشْتَكَتْ أَحْلاقُنَا مِنْ غُصَّةِ

كَمْ مِنْ بِلادٍ قَدْ سَعَتْ إِلَى الْعُلا
أَمَّا أَنَا فَفِي الدَّيَاجِي مِشْيَتِي

أَحْلامُنَا بَاتَتْ بِأَحْضَانِ الْفَزَعْ
فَلَيْتَ شِعْرِي! مَنْ يُجِيبُ صَيْحَتِي؟

تَجَمَّعُوا لِوَأْدِهَا فِي مَهْدِهَا
أَعْدَاؤُنَا فِي خِسَّةٍ دَنِيَّةِ

نَادَيْتُكُمْ فَلْتَسْمَعُوا مِنِّي النِّدَا
فِي كُلِّ حِينٍٍ قَدْ دَعَتْكُمْ مِحْنَتِي

نَادَيْتُكُمْ فَلَمْ تُلَبُّوا ذَا النِّدَا
حَتَّى غَدَوْتُ مِنْكُمُ فِي حَيْرَةِ

قَدْ خَيَّمَ الصَّمْتُ الرَّهِيبُ فَوْقَكُمْ
مِنَ السُّكُونِِ أَنْتُمُ فِي عُزْلَةِ

يَا وَيْحَكُمْ بِلادُكُمْ قَدْ حَفَّهَا
شَوْكُ الأَذَى فَمَنْ لَهَا فِي أَزْمَةِ؟

أَشْكُو لَكُمْ جَفَاءَكُمْ مِنْ لَوْعَةٍ
وَدَمْعَتِي فِي مُقْلَتِي مِنْ حُرْقَتِي

وَمِنْكُمُ قَدْ جَاءَنِي الصَّوْتُ الشَّجِي
عُذْرًا بِلادِي مِنْ عَمِيقِ مُهْجَتِي

يَا مِصْرَنَا فِي الْقَلْبِ أَنْتِ سَاكِنَهْ
لا تَحْزَنِي فَصَمْتُنَا مِنْ صَدْمَةِ

أَحِبَّتِي شَوْقِي لَكُمْ لا يَنْتَهِي
وَلْتَسْأَلُوا مَنْ حَوْلَكُمْ عَنْ كُرْبَتِي

فَكُلَّمَا ذَكَرْتُكُمْ فِي شِدَّتِي
سَالَتْ دُمُوعِي هَلْ رَأَيْتُمْ عَبْرَتِي؟

عُودُوا إِلَى رِحَابِكُم لا أَبْتَغِي
مَالا فَمَا تُغْنِي كُنُوزُ الْغُرْبَةِ

إِنِّي لَكُمْ أُمٌّ حَنُونٌ تَرْتَجِي
رَغْمَ الْجَفَا لِقَاءَكُمْ ذَا بُغْيَتِي

إِنْ لَمْ تَكُونُوا لِلْحِمَى أَهْلا لَهُ
فَمَنْ يَذُودُ عَنْ حِيَاضِ قَلْعَتِي؟

وَقَدْ دَعَوْتُ رَبَّنَا بِعَزْمَتِي
وَالصِّدْقُ مِنِّي قَدْ بَدَا فِي دَعْوَتِي

وَحِّدْ إِلَهِي صَفَّنَا فِي مِحْنَةٍ
وَالشَّمْلَ فَاجْمَعْ مِنْ شَتَاتِ فُرْقَةِ

وَالْحَقُّ دَرْبٌ إِنْ سَلَكْنَا غَيْرَهُ
لَنْ نَرْتَقِي لِمَنْ وَعَى نَصِيحَتِي

وَإِنْ قَضَى رَبِّي الْفِرَاقَ فَالْزَمُوا
نَهْجًا قَوِيمًا هَذِهِ وَصِيَّتِي

شعر / أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر