آلام الحب - عروة بن الورد

خليليَّ مِنْ عُليَا هِلال بن عامرٍ ،
بصنعاءَ عًوجا اليوم فانتظراني !

أفي كُلِّ يومٍ أنت رامٍ بِلادها
بعينينِ إنساناهُما غرقانِ ؟

ألا فاحملاني ، بارك الله فيكما
إلي حاضر الروحاء ثم دعاني

ألِما على عفراءَ إنكما غداً
بشحط النوى والبين مُعترفانِ

أغركما مني قميصٌ _ لبسته _
جديدٌ وبُردا يمنةِ زهيانِ!

متى ترفعا عني القميص تبينا
بيَ الضر من عفراء ، يا فتيانِ

وتعترفا لحماً قليلاً وأعظماً
رِقاقاً وقلباً دائم الخفقان

على كبدي من حب عفراء قَرْحةٌ،
وعينايَ مِنْ وَجدٍ بها تكفانِ

يقولُ لي الأصحابُ إذ يعْذِلُونني :
أشواقُ عراقيٌ وأنتَ يماني؟

وليسَ يمانٍ للعراق بصاحبٍ
عسى في صُروف الدهر يلتقيان

تحملتُ من عفراء ما ليس لي به
ولا للجبال الراسيات ، يدان:

كأن قطاةً عُلِقتْ بجناحها
على كبدي من شدة الخفقانِ!

جَعَلتُ لِعرَّاف اليمامةِ حُكمه
وعرافِ نجدٍ إن هما شفياني

فقالا : ( نعم ، نشفي من الداء كُلِه)
وقاما مع العُوَّادِ يبتدرانِ

فما تركا من رقية يعلمانها
ولاشَرْبةٍ إلا وقد سقياني

وما شفيا الداء الذي بيَ كُله ،
ولاذَخَرا نُصحاُ ولا ألواني

فقالا : ( شفاك الله ، والله ، مالنا
بما ضُمنَتْ مِنك الضُّلوعُ يدانِ )

فياعمِّ ياذا الغدر ، لازلتَ مبتلىً
حَليفاً لِهمٍ لازمٍ وهوانِ

وإني لأهوى الحشر إن قيل إنني
وعفراءَ يوم الحشرِ مُلتقِيانِ!

ألا يا غُرابيْ دِمْنَةِ الدار ، بَيِّنا:
أبِِالهجر مِنْ عفراء تنتحيانِ؟

فإن كان حقاً ما تقولان فاذهبا
بلحمي إلى وكريكما فكلاني

أناسيةٌ عفراءُ ذكريَ بعدما
تركتُ لها ذِكراً بِكلِّ مكانِ ؟

تكنفني الواشون من كُلِّ جانبٍ،
ولو كان واشٍ واحدٌ لكفاني

ُيُكلفني عمي ثمانين ناقةً ،
وماليَ ، يا عفراءُ ، غيرُ ثمانِ

فياليت مَحيانا جميعاً ، وليتنا
إذا نحنُ مِتنا ضَمَّنا كفانِ

وياليت أنَّا الدهرَ في غيرِ رِيبةٍ
خَلِيّانِ نرعى البهمَ مُؤتلفانِ

فوالله ، ما حَدَّثْتُ سِركَ صاحباً
أخاً لي ، ولافاهتْ به الشفتانِ

تحملتُ زَفَراتِ الضحى فأطقتُها
وما لي بزفرات العشِيِّ يدانِ

© 2024 - موقع الشعر