تتمة الاستهلال الخاص بديوان اكسير العشق... - برادة البشير عبدالرحمان

تتمة الاستهلال الخاص بديوان اكسير العشق...
***********
و البداية باسم جلجاميش
1 ) فما الذي تعنيه الصيغة اللغوية ( جلجاميش ) .!.؟
من المعلوم في جل اللغات المسماة خطأ بالسامية - ولي في الموضوع دراسة السياق لا يسمح بإيرادها - أو المسماة بالهندو- أوروبية ...أو غير المصنفة ...أن أسماء الأعلام للذكر أو الأنثى تحمل معنى مثل : أمل وأحلام وصباح وسعد وكريم و هانيبعل … وإليزابيت ...وإيزابيلا...و أثينا...و باريس الطروادي...و قدموس وعايدة… ثم ( دنيا ) و دينا و " تينة " ...ومعلوم - على سبيل المثال لا الحصر - أن دلالة " دنيا / دينا " الآن... لا تتطابق مع دلالتها القديمة بالهلال الخصيب لآلاف السنين قبل الميلاد ...ومعلوم أن الاعتقاد بالترادف أو التطابق ينم عن جهل مطبق بحقيقة اللغات والتي تتضمن في كل "حرف "وكل مقطع وكل فعل أو إسم شحنة إثنولوجية تجاهلها لا يساعد على فك ألغاز أسماء الأعلام ...من جهة ، ولا يفيد في فهم بعض الأمثال المسماة - من باب الغلط - شعبية مثل المثل المغربي الساري على لسان أهل ( فاس ) والقائل : " الزَّبُّ المرضِيُّ يْجِيبْ التِّينَةْ من بغداد " …والذي سنبسط معناه - لسانيا وإتنولوجيا - عند معالجتنا لرسم ( آل برادة )...
 
 
بالنسبةلاسم " جلجام " نورد أشهر الصيغ الصوتية لملك " أوروك " الأسطورة :
1 ) جلجام ...2 ) جلجاميش
بالنسبة للصيغة الثانية نجد الحرف " ش " يتقدمه مد بعد الميم ...وهي مستحدثة عند اتصال وتفاعل " الأكدية " بلهجتيها : البابلية و الآشورية بالسومرية ، حيث الكثيرمن أسماء الأعلام تنتهي ب " ش " أو " س " مثال ذلك إسم الإله البابلي " باروك " وينطق بصيغ متعددة - حسب قانون التضايف على المستوى الفونولوجي - مثل : باروخ ،باروش، باروس،و باريس،...ومعلوم أن العربية ورثت هذه " اللازمة " كما نجد في أسماء : علوش ،ومعلوم نفس الأمر وارد في اللهجات الأمازيغية بالمغرب مثل : علوش واعمروش، و حموش، و حيميش، …
والأصل في إسم " باروخ " بغض الطرف عن لازمه ( ش/س/ك/خ/) هو
" بار" وهي مركبة من مقطعين سومريين هما : 1 ) " ب " وأصلها " آب " وتعني ( عش،أو بيت ، أو حضن، أو كنف … )
2 ) المقطع الثاني : " أر" وله معاني عدة ومنها " النور " عكس الظلمة …
وقد أخذها الآشوريون، ومن بعدهم الآراميون والسريان...للدلالة على " الشمس "
وقد دخلت هذه الصيغة في المنظومة الدينية الوثنية من جهة والمسيحية لاحقا ، حيث أحد رموز الجهاز " الرهباني " المسيحي يسمى " باركليت " :
ف" بار" تعني الشمس مضاف إليها " كليت " وهو النطق السرياني للمعبد ، المأخوذ من لغات جنوب الجزيرة العربية حيث ينطق بصيغة : " قيليس "وتعني اشتقاقا البيت العظيم ، ومنها اشتق إسم " كنيسة " عند المسيحيين ، و " كنيس " في
العبرية… ومفهوم " البركة " بنطقها الفينيقي والعبرية المشتقة منها في صيغة " برخة "... ومعلوم أن " باروك " و " باركليت " جاءت مع البابليين والآشوريين والسريان...كمقابل لكلمة " آتون " و " أوتو " الدالة على " إله الشمس " خالق ومبدع الكائنات ...ومصدر الشرائع عند البابليين …
وفي مرحلة لاحقة انفصل مفهوم الشمس بالمعنى الفلكي والتقويمي عن دلالتها الدينية مع الآشوريين ...حيث اختص " الدين " بمفهوم " باركليت / باركليس " وأصبح للشمس إسم خاص بها ...وهي الأخرى من أصول سومرية على مستوى المقاطع المركبة لها ، وكان تنطق تحت تأثير السومريين بصيغة " المذكر " : شبس
ومع الوقت حصل نوع من التميز - في فلسفة اللغة الأكدية بلهجتيها الآشورية والبابلية - فتم تأنيث " الشبس " بصيغة " شمس "...حيث حلت " الميم " محل "
" الباء " وأصبحت كما هو معروف في العربية سليلة الأكدية ...مؤنثة
" شمس "...ومعناها التركيبي هو :
♢ " شو " : وتعني ( قوة ، خير ،...يد …)
و " مس " والأصل فيها " مت " وتعني : خادم ،و عابد ،والتركيب يدل على " خادم الخير " وكان مقطع " موت أو ميت مع الفينيقيين يطلق على المذكر والمؤنث دون تمييز ... ما نجده في أسماء : موتعشتروت … و ميتان …ودخل العربية فاختصت به الأنثى في صفة " الخادمة
الأمة " …. / يمكن الإطلاع على الملحقات التطبيقية لمعرفة المقاطع والكلمات ذات الصلة والمعاني الخاصة بها في كتابي " مقال في تاريخ الأديان... ج1 …"
أما الكلمة الأصلية " جلجام " فتتكون من من ثلاثة مقاطع :
1 ) جل…. / 2 ) جي …. / 3 ) مي
ف " جل " بالجيم المفخمة على نهج القاهريين وسكان أحواز حضرموت …
ف " جيل " تنطق في لغات جنوب الجزيرة بصيغة " قيل "والتركيب يعني
" النبيل "أو ذو المقام السامي في القبيلة أوالدولة…
كما تنطق بصيغة " كيل " مثل الإسم العربي الكلاسيكي فيما قبل الإسلام " كليب "
...فهذا الإسم لا علاقة له بأسم حيوان الكلب...فكليب تعني " البيت العظيم " ومنها اشتق إسم " القلب " كمرز للعواطف … فهو بذلك " بيت جليل " … مثل فؤاد حيث " فو " تضايف " بو " أي بيت وحضن وأطلق مجازاعلى " الثغر " بمعنى" الفم "
باعتبار أن : " لسان الفتى نصف … ونصف فؤاده " ...كما قال الشاعر العربي…
إن " فو+ آد " تعني بيت الحب والعواطف حيث " آد " تدل على " الود " ومنها الوداد والودود ...وإسم أحد معبودات العرب " نسرا...ويعوقا...و ( ودا ) …"
وإلى جانب صفة " قيل " و " كيل " كان النطق السومري الأصلي هو " غيل " أو " جيل " بجيم مفخرة كما بالقاهرة أو حضرموت...و تنطق حسب السياق " غيل، و غول ،وغال، …." ومنها " لوغال " في السومرية وتعني : " لو " بمعنى إنسان أو " رجل " و " غال " بمعنى كبير وعظيم ...والمعنى التركيبي يدل على صفة " الملك " …
مع العلم أن البابليين كالآشوريين نحتوا لهم كلمة أخرى - من أصول سومرية -
هي : " شار " وتتركب من مقطعين : " شو " + " آر " ، أي قوة النور ...والمعنى خصوا بها إسما للملك أو الحاكم ...والكلمة هي أصل " صور " و " طور " وطروادة "...و " نترو/ والنطرون " وتعني : المقدسة والقداسة والتقديس ...وهي الأصل في صفة " جبل الطور " ....
وقد دخلت صيغة " جيل " للعربية عبر " الأكدية " في صيغ عديدة مثل : غلة ،وغل ،وغلالة ،وغليل ،وغلو، وجل، وكل ،وجلالة ،وجليل، وكلكل،...الأمر الذي يمكن الإطلاع عليه في دراستي من زاوية " لسانية - إتنولوجية " في ضوء نظريتي في التضايف بكتاب " غريب القرآن / مقاربة لسانية - إتنولوجية " …
أما المقطع الثاني المركب لاسم جلجام فهوة " جي " وينطق ( جا ...و...جو...و غي / غا/ غو/ قي / قا / قو …كي / كا / كو… ) ولها دلالات متعددة : حسب الرسم والتركيب والسياق...في مختلف اللغات الشرقية بما في ذلك :
العربية والأكدية والآشورية والبابلية والسريانية والفينقية والعبرية ...ولغات جنوب الجزيرة العربية واللغات السواحلية واللهجات الأمازيغية ذات الصلة الوطيدة بالأكدية و الآرامية إلى جانب لغة " مصر القديمة " و " النوبية " ...هاتيك اللغات ذات أصول واحدة ...و تستبطن - إتنولوجيا - خلفية ثقافية وعقائدية...و فلسفية متميزة عن غيرها من اللغات الهندو - أوروبية ...أو غير المصنفة ...ويدل مقطع " جي / غي " على العين كمنهل للماء...كما تدل على العين الناظرة والحارسة…
والحافظة … وعند إضافة (ن) في أول المقطع (جي ) تنطق ( نيجا ) وتعني الأرض المقدسة أو الربانية كما كان المصريون القدماء يصفون بلاد الفينيقيين بجبل الأرز ...ويمكن مراجعة الدلالات المتصلة بهذا المقطع في كتابي : مقال في تاريخ الأديان خاصة الفصل المتصل باسم " النجاشي "...
أما المقطع الثالث المركب ل " جلجام " فهو ( مي ) وهذا المقطع سومري أخذه الأكديون ومن بعدهم الأوغاريتيون والفينيقيون ثم ( الإغريق ) ...ويعتبر
مفهوما مركزيا في المنظومة العقائدية السومرية - الأكدية ...حيث له دلالة " القانون - الكوني " والمقدس ...ومنه اشتقت ( خطأ ) صفة " أمي "...التي يقصد بها ( الغفل ) الجاهل للقراءة والكتابة...فمن مقطع ( مي ) اشتق مفهوم " ناموس " الذي يعتقد أن أصله يوناني ...بينما له علاقة وطيدة ببلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين قبل ظهور الإغريق على مسرح التاريخ…
والتركيب المزجي للمقاطع الثلاث : ( جل + جا + مي ) يدل على : العين العظيمة أو الجليلة ...والمعنى يفيد النعوت والصفات التي أطلقها المشارقة منذ آلاف السنين على عظمائهم و ملوكهم ...وحكمائهم ...وما بيناه في هذا السياق يخالف ما ذهب إليه السادة الدارسون السلف ذكرهم أعلاه …
و للمزيد من التفصيل يمكن الإطلاع على دراساتي في الموضوع خاصة :
♢ كتابي " مقال في تاريخ الأديان ج 1 "
♢ كتابي " مقالات لسانية ...في تأسيس المنهج اللساني - الإتنولوجي مع نظرية التضايف "
برادة البشير / فاس في : 16/02/2019.
لاحقا سنورد التحليل اللساني الاثنلوجي ل:
-1 مقاليد كنموذج عن غريب القرآن
- 2 ما يخص أصول" آل برادة"
يتبع
© 2024 - موقع الشعر