رسالةٌ خضراء - حسن شرف المرتضى

قراءةُ الغيبِ تُعيي كلّ من قرأ
إذ كلُّ سطرٍ به قد لاحَ مُجتزأَ

مَنْ ضمّ سطراً إلى سطرٍ يقولُ: متى
أشكلُّ النّصَّ؟ يعمى كلّما بدأَ!

الغيبُ لا غير في سطرين يكتبنا
إذا بدا واحدٌ فالآخرُ انكفأَ

فالصّحوُ يثملُ في أحشائهِ مطرٌ
والطّينُ يصحو إذا ما عاقرَ الحمأ

ننسلُّ... لكنّنا أسرى عباءتِهِ!
ندورُ في فُلْكِهِ... لكنْ بنا اختبأ!

لو أنّنا ما مَدَدْنا للسّرابِ يداً
تقدُّ كتْفيهِ ..ما صرنا له هزؤا

وإنْ غزلنا ثياباً للسّرابِ على
مقاسهِ حين لاحَ الثّوبُ مُهترأ

أقدارُنا في ثيابِ الصّبحِ مبصرةٌ
وبعضها فوق حبلِ اللّيلِ ما نُكِأ

بنصفِ عينيهِ هذا الصّبحُ يبغتنا
هل يحسنُ اللّيلُ إذ للنّصفِ كم فقأ؟!

لا لحيةٌ عند هذا الغيب نمشطها
أو يُصبغُ اللونُ إذْ عن شَعْره صبأ

فكم هنا نحسبُ الأنباءَ صادقةً
ولم تلامسْ شفاهاً تصدُقُ النّبأ

كمْ يكمنُ الماءُ في ضرعِ الشّموسِ وكم
نرى سراباً بخدّ الأرضِ ما نشأ

تكاثفتْ موجةُ التّخريصِ واندلقتْ
في ضفةٍ لمْ تكنْ للغيبِ مُتّكأ

يا شفرةً عند سرّ السرّ سحنتها
لقارئٍ مطلقٍ ما زاغَ حيث رأى

كم يخرقُ المندلُ الباهوتُ شفرته؟
قراءةُ الغيبِ تُعيي كلَّ مَنْ قرأ

© 2024 - موقع الشعر