سفينة نوح - سعاد الكواري

هاأنا أعود من جديد
خانتني قدرتي المزيفة على الصمود
الريح تقود أشرعتي المبحرة في الاتجاه المغاير
علي الآن أن أنفض الغبار وأنهض
إلى الداخل تجذبني قدماي
المدفونتان في كومة الطين
إلى أعمق حفرة تأخذني
وتتركني هناك
لابد من صرخة قوية
تدخلني قلب العاصفة
تزلزل كياني
سئمت من النظر إلى السماء النائمة
إلى قبة الأمل
يا جثتي المربوطة في جذع الشجرة
قلبي مفتوح لذئاب الخوف
فلتطاردني خيول الوحشة
و مومياءات الحزن
فلتطاردني الريح
***
إلى متى أفتش في كنوزي المبعثرة
في كل مكان
عن قناديل أشعلها ؟
***
من أين يأتي نتشه ؟
ذلك الكائن الخرافي
ليدخلني مدن الاكتئاب
مدن الصمت
نتشه العظيم يتجول بين زوايا رأسي
يلوح للطيور المسافرة
للقمر
للأشعة البنفسجية
للفرح
يلوح لآخر قطار مر من هنا
نتشه العظيم
أي قدرة لديك لتدخلني مدن التيه
بأقل الخسائر
***
الليل يجرر خرافهُ على الطرق الوعرة
وأنا أفترس جسدي بصمت
لن أعود إلى الطريق ذاته
لن أدخل بستان الهاوية
كلما فكرت في أن ألملم حطام ذاكرتي
و أستعيد بريقي
أفجر ضحكتي التي أطفأتها أنامل الشمس القاسية
و طفولتي التي شاخت
أعادني نتشه إلى حضن يئن
إلى ركن يتلاشى ببطء
إلى نخلة يسكنها الصرع
عدت أهدهد سقف الوهم
وأرتب حواشي العتمة
ثم أهش كلاب الصمت بعصا الانتظار
***
يقولون نتشه
فتفتح الصحراء فمها
طيور الخيبة تحلق بعيدا
يقولون نتشه
فأعود من حيث انتهيت
© 2024 - موقع الشعر