اللاميه

لـ ابن المقري، ، في غير مُحدد

اللاميه - ابن المقري

زيادةُ القولِ تَحكي النقصَ في العملِ
ومنطقُ المرءِ قد يَهديهِ للزَّلَلِ

نَّ اللسانَ صغيرٌ جِرمُهُ ولَهُ
جرمٌ كبيرٌ كما قد قيل في المَثَلِ

فكم ندمتُ على ما كنتُ قلتُ بهِ
وما ندمتُ على ما لم أكنْ أقُلِ

وأضيقُ الأمرِ أمرٌ لمْ تجدْ معهُ
فتىً يُعينُكَ أو يهديكَ للسُبُلِ

عقلُ الفتى ليس يُغني عن مُشاورةٍ
كعفةِ الخود لا تُغني عن الرَّجلِ

إن المشاورَ إما صائبٌ غَرَضاً
أو مخطيءٌ غيرَ منسوبٍ إلى الخَطَلِ

لا تحقِرِ الرأيَ يأتيكَ الحقيرُ بهِ
فالنَّحل وهو ذُبابٌ طائرُ العسلِ

ولا يغرَّنكَ ودٌ من أخي أملٍ
حتى تُجرِّبهُ في غَيبةِ الأملِ

إذا العدوُّ أحاجتهُ الأِخا عِلًلٌ
عادت عداوته عندَ انقضا العِلَلِ

لا تجزعنَّ لخَطبٍ ما به حِيَلٌ
تُغني وإلا فلا تَعْجَزْ عن الحيَلِ

لا شيءَ أولىَ بصبرِ المرءِ في قدرٍ
لابُدَّ منهُ وخطبٍ غيرِ مُنتقلِ

لا تجزعنَّ على ما فاتَ حيثُ مضى
ولا على فَوْتِ أمرٍ حيثُ لمْ تَنَلِ

فليسَ تُغني الفتى في الأمرِ عُدَّتُهُ
إذا تقضَّت عليه مُدّةُ الأجلِ

وقدرُ شكرِ الفتى لله نعمتَهُ
كقَدرِ صبرِ الفتى للحادثِ الجَلَلِ

وإنَّ أخوفَ نهجٍ ما خشيتُ بهِ
ذهابَ حريةٍ أو مُرتضى عَملِ

لا تفرحنَّ بسقطاتِ الرجالِ ولا
تهزأ بغيركَ واحذرْ صَولةَ الدُّولِ

لا تأمنِ الدهرَ إنْ يُعلي العدوَّ ولا
تستأمنِ الدَّهرَ إن يُلقيكَ في السَفَلِ

أحقُّ شيءٍ بردٍّ ما تخالفُهُ
شهادةُ العقلِ فاحكِمْ صنعةَ الجَدَلِ

وقيمة المرء ما قد كانَ يُحسِنه
فاطلب لنفسك ما تعلو به وسَلِ

أُطلب تَنَلْ لذةَ الإدراكِ مُلتمساً
أو راحةَ اليأسِ لا تركَنْ إلى الوكَلِ

فكلُّ داءٍ دواهُ ممكنٌ أبداً
إلا إذا امتزجَ الإقتارُ بالكَسَلِ

والمالُ صُنهُ وورِّثهُ العدوَّ ولا
تحتاجَ حيّاً إلى الإخوانِ في الأكُلِ

وخيرُ مالِ الفتى مالٌ يَصونُ بهِ
عِرضاً وينفُقُهُ في صالحِ العَمَلِ

وأفضلُ البرِّ ما لا منَّ يَتبعه
ولا تَقَدَّمَهُ شيء من المَطَلِ

وإنما الجودُ بذلٌ لم تُكافَ بهِ
صُنعاً ولم تنتظرْ فيه جزا رجلِ

إن الصنائعَ أطواق إذا شُكرتْ
وإن كُفِرنَ فأغلالٌ لمُنتحلِ

ذو اللؤمِ يَحْصَرُ مهما جئتَ تسألُهُ
شيئاً ويُحصرُ نطقُ الحرِّ إن يَسَلِ

وإن فوتَ الذي تَهوى لأهونُ منْ
إدراكِهِ بلئيمٍ غيرِ مُحتفلِ

وإن عندي الخَطا في الجودِ أحسنُ من
إصابةٍ حصلتْ بالمنعِ والبُخلِ

خيرٌ من الخير مُسديهِ إليكَ كما
شرٌ من الشَّرِّ أهلُ الشَّرِّ والدَّخَلِ

ظواهرُ العُتبِ للإخوانِ أحسنُ من
بواطنِ الحقدِ في التسديدِ للخلَلِ

داوِ الجهولَ وسامحهُ تُكِدْهُ ولا
تَصحبْ سوى السمح واحذرْ سقطةَ العَجَلِ

لا تشربنّ نقيعَ السُّمِّ مُتّكلاً
على عقاقيرَ قدْ جُرِّبنَ بالعملِ

والقَ الأحبَّةَ والإخوانَ إن قطعوا
حبلَ الوَدادِ بحبلٍ منكَ متَّصلِ

وأعجزُ الناسِ منْ قد ضاعَ من يدهِ
صديقُ وُدٍّ فلمْ يَرْدُدْهُ بالحِيَلِ

استصفِ خِلَّك واستخصلهُ أحسنَ من
تبديلِ خِلٍّ وكيفَ الأمنُ بالبَدَلِ؟

واحملْ ثلاثَ خِصالٍ من مطالبهِ
تحفظهُ فيها ودعْ ما شئتَهُ وقُلِ

ظُلمُ الدَّلالِ وظُلمُ الغَيظِ فاعفهِما
وظُلمُ هفوتِهِ فاقسِط ولا تَمِلِ

وكُنْ مع الخَلْقِ ما كانوا لخالقِهِمْ
واحذرْ مُعاشرةَ الأوغادِ والسَّفَلِ

واخشَ الأذى عندَ إكرامِ اللئيم كما
تخشى الأذى إن أهنتَ الحُرَّ في حَفَلِ

والغدرُ في الناسِ طبعٌ لا تثِقْ بهمُ
وإنْ أبيتَ فخُذْ في الأمنِ والوَجَلِ

من يقظةٍ بالفتى إظهارُ غفلتهِ
مع التحرُّزِ من غَدرٍ ومن خَتَلِ

سَلِ التَّجاربَ وانظرْ في مراءتَها
فللعواقبِ فيها أشرفُ المُثُلِ

وخيرُ ما جرَّبته النفسُ ما اتَّعظتْ
عن الوقوعِ به في العجزِ والوَكَلِ

فاصبرْ لواحدةٍ تأمنْ توابِعها
فربَّما ضِقتَ ذَرعاً منه في النَّزّلِ

وللأمورِ وللأعمالِ عاقبةٌ
فاخشَ الجَزا بَغتةً واحذرهُ عن مَهَلِ

ذو العقلِ يتركُ ما يهوى لخشيتِهِ
من العلاجِ بمكروهٍ من الخَلَلِ

مِنَ المروءةِ تركُ المرءِ شَهوتَهُ
فانظر لأيّهِنا آثرتَ فاحتمل

استَحي من ذمِّ مَنْ يدنُ تُوسعُهُ
مَدحاً ومن مَدْحِ منْ غابَ ترتذلِ

شرُّ الورى بمساوي الناس مشتغلٌ
مثلُ الذبابِ يُراعي موضعَ العِلَلِ

لو كنتَ كالقدحِ في التقويمِ معتدلاً
لقالتِ الناسُ هذا غيرَ معتدلِ

لا يظلمُ الحرَّ إلا منْ يطاولُهُ
ويظلِمُ النَّذلُ أدنى منهُ في الصُّوَل

يا ظالماً جارَ فيمنْ لا نصيرَ لهُ
إلا المهيمنُ لا تغترَّ بالمَهَلِ

غداً تموتُ ويقضي الله بينكما
بحكمةِ الحقِّ لا بالزيغ والمَيَلِ

وإن أولى الوَرَى بالعفو قدرُهُمُ
على العقوبةِ إنْ يظفر بذي زَلَلِ

حلمُ الفتى عن سفيهِ القومِ يُكثرُ منْ
أنصارهِ ويُوقِّيهِ منَ الغِيَلِ

والحِلْمُ طبعٌ فما كسبٌ يجودُ به
لقولِهِ (خُلقَ الإنسانُ من عَجَلِ)

© 2024 - موقع الشعر