وقفة مع جبل التوباد - ربيع قطب

وقفة مع جبل التوباد
يا ملتفا بعباءة عطر
وموشى أنت بكل جميل القول
والقابع فى همس النور
والنائم فى عين الأحلام
والساطع من أعلى قمم الأيام
هل تلمس تلك الأيام
لمس الساحر
لترد عبوسا فى هذا الليل
* * *
رحلت عنك الأنوار
مات الطير الغرد
كم كان حبيبك ذاك الطير الشادى
كم كان الحزن لموت الغريد
لكن ماذا نفعل؟
أرجوك بأن لاتلبس سود ثيابك
فالوقت ظلام قد لاتبصرك العين
وتضيع كما ضاع الطير الغرد
يا قمة خلد ما أبقيناها
واريجا مسوبا فى الرمل الخائن منذ
سنين الموت
من فوقك أشجار الأحجار
والقطف خناجر مسمومة
جفت أوراق الحناء
والزهر الباسم فوقك أسقط أوراقه
* * *
حدث عن قيس الضائع
مات المسكين وأنت تراه يموت
ركلا بالأقدام القذرة
فلماذا ياجبلا تصمت؟
وتوارى جثة قيس تنيم عليها صخر النسيان
نحن الموتى
لا أنت ولا قيس
مذ رحنا نقتل كل شعاع ياتى نحوك يغشاك
وفرحنا أن المجنون أرتحل
حتى يبقى عز الإقدام بلا أرجل
نحو النسب الأوحد
وقيود المجد المشلول
* * *
أبكيك أيا جبلا مذ روحك قد خرجت
صرت الصنم الخرس
لا تنطق بالحكمة
لا تجمع حولك شتى قلوب
ما صرت القنديل الأزهر
وأقاحى قمتك اندثرت
القمة تفرخ أسوارا
ونسيم الشوق الطاهر ماذا أنجسه؟
ما كان مريضا قيس
كان المرضى من حوله يتهمون الأزهار
ويسبون النهر الدافق
وشعاع الشمس يطارد يتهمون هسيس البدر
حتى رحل البدر
ماتت تلك الشمس
وبقينا بلا أنوار
© 2024 - موقع الشعر