الخفافيش - يوسف السبوعي

لا تَرَاهَا تَدُورُ لكنْ ... تَرَاهَا تُدِيرُ
قدْ تحكّم في رِقابنا الصّراصيرُ
كلّها يا صاحبي ...خفافيشُ
كلّها ُ في الخفاءِ تعيشَ
لا تراها تدورُ لكنْ
تراها تُدِيرُ
لها التّاجُ يحْمِيه الكُرْباجُ
لها الأمورُ و لها السُّرُورُ
و لها الأريكةُ و السَّرِيرُ
و لنا المرُّ و الأمرُّ و لنا المَريرُ
لنا من خضْرائنا برْسيمُها...
يجْتَرُّهُ الشعبُ الفقيرُ
نَحْنُ البِغالُ يا رجالُ
نحن أبقار الحلْبِ
نحن الحميرُ
هم الخفافيش في الخفاء تعيشُ
فيها النمرود و الهامانُ
فيها الفرعون الصّغيرُ و الكبيرُ
فيها القارون و ذو القرنين
و الخازندارُ و الخنزيرُ
و صاحب السلطان و الصولجان
و سليط اللِّسانِ تأبّط شرًّا و الشّرّيرُ
احتكم الأمْرُ
و عَلَا دقُّ الطبولٍ للْعُجولِ
و علا الصّفيرُ
ركب الراكبون علينا لمّا تلاهينا
لمّا تفرّقنا نتنابزُ بالألقابِ
هذا خسيس و هذا دسيس
و هذا كلبُ بنُ كلْبٍ
و هذا جرذٌ
و هذا جروٌ حقيرُ
ذهب الرّبيع و ازهارُهُ
عصفت رياح الغدر بالأوكار
و غادرت العصافيرُ
تلاشت فصول الثوراتِ
و عاد جنودُ اللّاتِ
فعلهم القتْلُ
و قولهم التكْبيرُ
نزل الستارُ و راجت الأخبارُ
انتهى المشوارُ
و هذا فصْلُها ُ الأخيرُ
هانت و بان هزالها
و تولّى أمورَها العربيدُ و السّكّيرُ
هانت و بالت و فاحَ ريحُها
فالثّائر فيها خائنٌ
و المُخبرُ فيها خبيرُ
لا بترول في آبارها
و لا في مائها ماءٌ
و لا في جداولها خريرُ
لهمُ الآبار و الوديان و البحار
و لنا السّباخُ و الأحراشُ
و لنا الغَديرُ
و لنا الخَرَا
و لنا الخراطيمُ
و لنا الدّيدانُ و البعوضُ
و لنا الدّبابيرُ
و لنا الصّبْرُ إنْ تركوه لنا
لك الشكوى يا ربّنا
انت فوق كلّ كبيرٍ كبيرُ
انت القاهر فوق عبادك
و انت القادر عليهم
أنت القديرُ
......ال/بُحْ تُرِ
© 2024 - موقع الشعر