صِرَاعٌ مـعَ الَّليـل

لـ حمدي الطحان، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

صِرَاعٌ مـعَ الَّليـل - حمدي الطحان

((( صراع مع الليل )))
للشاعر / حمدي الطحان
 
//////////////////////////////////////////
 
 
 
لقد كنتُ يا أختَ الظَّلامِ أميرا
 
............... وقد كنتُ مِقدامًا وكنتُ جَسُورا
 
 
 
وقد كانتِ الأقمارُ تَمْزُجُ ضوءَها
 
.............. بِأنفاسيَ العذراءِ كيما تُنِيرا
 
 
 
وآتيكِ لا أبغي مفاتيحَ جَنَّةٍ
 
............... وتِيجانَ سُلطانٍ عَلَتْ وقُصُورا
 
 
 
وتُشْقِينَ قلبي بالتَّشَكُّكِ والجَفَا
 
............... وتَسقِينَ قلبي وَحْشةً وسعيرا
 
 
 
فلولاكِ ما عِشْتُ الحياةَ مُعَذَّبًا
 
............... وودَّعْتُ أيامَ السُّرورِ حَسيرا
 
 
 
ولا كانتِ الأحزانُ تَحْسبُ أنَّها
 
............... سَتَلْقَى بِقُرْبِي جَنَّةً وحَريرا
 
 
 
إلى مَنْ سَأشكو بعدَ كِبْرٍ وعِزَّةٍ
 
.............. وما كُنْتُ شَكَّايًا ولسْتُ جَديرا
 
 
 
ولكنَّهُ الخوفُ الرَّهيبُ يَدُكُّني
 
............... ويَحتلُّ آفاقًا ويَهدِمُ دُورا
 
 
 
بَكَى الَّليلُ ليتَ الليلَ يُرْقِئُ دَمعَهُ
 
............... فليستْ دموعُ الليلِ إلاَّ سُرُورا
 
 
 
أتيتِ لِأجلِ الليلِ والليلُ جاءني
 
............... وأشرقتُ في دمعِ الخلائقِ نُورا
 
 
 
وما دامتِ الأشعارُ تَنْعِي وجودَها
 
............... فقد بِتُّ أَهْوَى في الشُّرورِ شُرُورا
 
 
 
ضَجرْتُ بأخلاقي فصار جميلُها
 
............... قبيحًا بعيني دائمًا وحقيرا
 
 
 
ولِلخَلْقِ في قلبي بِحارُ مَحبَّةٍ
 
............... تُحِيلُ امتعاضي رأفةً وفُتُورا
 
 
 
وفي الأرضِ أشجاري الكئيبةُ أَينعتْ
 
............... ثِمارَ احتضاري تائهًا وفقيرا
 
 
 
فيا أيها النَّجْمُ الذي لاحَ في سماءِ
 
............... عُمْري لماذا العُمْرُ يَمْضِي ضَريرا ؟!!
 
 
 
لماذا أَراهُ اليومَ مُحْتَشِدَ العَمَى ؟!!
 
............... وقد كانَ بالأمسِ القريبِ بصيرا
 
 
 
أَبَى الحظُّ إلاَّ أن أعيشَ مُعَذِّبًا
 
............... لِنفسِي ، فَمَن يَأتي إليَّ مُجِيرا ؟!
 
 
 
تُرَى هل غريبُ الدَّارِ سوفَ يَزورُها ؟!!
 
.............. أم الدربُ أمسى مُوحِشًا وعَسِيرا ؟!!
 
 
 
رَحَلْتَ فلم تَرحلْ عنِ القلبِ لحظةً
 
............... ولم تَغْدُ إلاَّ يا رفيقُ أثيرا
 
 
 
صديقي ، أَراني بينَ قَوْمِي مُغَرَّبًا
 
............ فيا ليتَ لي في المُشْفِقِينَ سَمِيرا
 
 
 
أَراني زماني ألفَ وجهٍ مُشَوَّهٍ
 
............... يَمُدُّ لِسانَ البُغْضِ صَلْدًا مَريرا
 
 
 
ومِلْئي ضَميرٌ مُسْتَريبٌ مُوَزَّعٌ
 
............... هو البحرُ مُهْتاجٌ وليسَ ضَميرا
 
 
 
تُحَاكِي رُعُودُ الجَوِّ صَرْخةَ مُهْجَتي
 
............... وتَحْكِي بُرُوقُ الموتِ عنِّي كثيرا
 
 
 
أَهَمَّتْ هُمومَ الَّليلِ حُرْقةُ نَبْضتي
 
............ وأَضْنتْ دُموعي في الهجيرِ صُخُورا
 
 
 
مَضَى الصَّبْرُ في وادي الهُمومِ مُهاجِرًا
 
.............. وأَوغلَ في قلبي القٌنُوطُ قَريرا
 
 
 
فَيا ليتَ مَن أَهْوَى هَواني دقيقةً
 
............... ويا ليتَ مَن أَبْكِي بَكاني شُهورا
 
 
 
أُحايِلُ قلبي أن يَمُوتَ مَكانَهُ
 
............... فَيا ليتَ عظمي يَسْتَحِيلُ قُبُورا
 
 
 
بِحَقِّ الَّلهيبِ المُسْتَبِيحِ هَياكِلِي
 
............... وحقِّ النُّفوسِ المائجاتِ نُفُورا
 
 
 
مَلَلْتُ الصَّباحَ الفَجَّ يَزْحَفُ نَحْوَنا
 
............... مَلَلْتُ زُهُورَ الرَّوْضِ تَزْوِي أَخيرا
 
 
 
وأَنصحُ قومًا لن تَمِيلَ قلوبُهم
 
............... إلى الحقِّ مِثْقالاً ولن تَسْتَنِيرا
 
 
 
وأُقْسِمُ أَنِّي قد مَلَكْتُ عُقولَهم
 
............... ويَسْخَرُ مِنِّي العقلُ سُخْرًا كَثيرا
 
 
 
أَلَا ما أَحَطَّ الفِكْرَ إنْ تَبِعَ الهَوَى
 
............... وما أَفْسَدَ المخلوقَ يَزْهو فَخُورا
 
 
 
وكانت عُيُونُ الَّليلِ تَحْسَبُ أَنَّها
 
............... سَتُغْوِي فُؤادًا شا عريًّا طَهُورا
 
 
 
فَحَدِّثْ لِكُلِّ النَّاسِ أنِّي كَرِهْتُها
 
............... وقد كُنْتُ بالكُرْهِ الَّلعينِ كَفُورا
 
 
 
أَعِرْنِي إناءً مِن دِماءٍ مَقِيتةٍ
 
............... لِأعتادَ وَجْهَ الشَّكِّ يَأتي مُغِيرا
 
 
 
وعِدْنِي بِأنِّي لن أُباعَ وأُشْتَرَى
 
............... وأَنِّي سَأبقى للضَّميرِ نَصيرا
 
 
 
*******************
 
 
 
أَخَاكَ سَأَبْقَى في الحياةِ وفي الرَّدَى
 
............... ولو لم تُعِرْني يا صَديقُ شُعُورا
 
 
 
فَباعِدْ أُقارِبْ دُونَ أَيِّ تَرُدِّدٍ
 
............... وأَبْحِرْ أُجاوِزْ في هَوَاكَ بُحُورا
 
 
 
لَأنِّي وَجَدْتُ الحُبَّ فيكَ مُقَدَّسًا
 
............ وفي النَّاسِ حَوْلِي ضائِعًا مُسْتَجِيرا
 
 
 
نَقَشْتُكَ عَهْدًا مِن وفاءٍ وحِكْمةٍ
 
............. على هيكلِ الأرواحِ ضَمَّ الدُّهُورا
 
 
 
وصِرْتُ أَخافُ البُعْدَ عنكَ وأَحْتَسِي
 
............... مَدامعَ عينٍ لم تَزُرْكَ شُهُورا
 
 
 
تُراكَ بِشَرْقِ الأرضِ تَحيا مُكَرَّمًا
 
.............. وتَمْضِي على دَرْبِ الصِّراعِ قَريرا ؟!!
 
 
 
أمِ النَّارُ أَمْستْ لِلغريبِ وَسادةً
 
............... وباتَ التَّهاوِي لِلغريبِ سَريرا ؟!!
 
 
 
إذا هاجتِ الأنواءُ عِنْدَكَ فاستعِذْ
 
............ وضَاجِعْ صُخُورَ الأرضِ كي لا تَغُورا
 
 
 
وسَائِلْ طُيورَ الشَّرْقِ كيفَ تَعَصْفرتْ ؟!!
 
............... وقد كُنَّ في عينِ العَدُوِّ صُقُورا
 
 
 
وشِعْرًا بَنَى لِلبحرِ قَصْرَ زبرجدٍ
 
............... وقد أَمطَرَ الشَّطَّ الطَّويلَ زُهُورا
 
 
 
بَدَا اليومَ في سَاحِ الهُمومِ مُكَبَّلاً
 
............... وما كانَ في أيِّ العُصُورِ أَسيرا
 
 
 
وطِفْلاً رَأَى في الَّليلِ يَومَ مَشِيبِهِ
 
............... وما عادَ في عينِ الهُمُومِ صَغيرا
 
 
 
هَوَى في دَمِي مَيْتًا بَخِنْجرِ خَالِهِ
 
............... وأَوغرَ في جَوْفِ السَّماءِ صُدُورا
 
 
 
وبِنْتًا مَضَتْ تَشْكُو قَسَاوةَ إِلْفِها
 
............... وتَأْوِي على مَتْنِ الطَّريقِ نُمُورا
 
 
 
طَغَتْ لو تَراها اليومَ تَحْسَبُ أَنَّها
 
............... جميعُ الضَّياعِ المُسْتَفِيقِ أَخيرا
 
 
 
غَدًا يُخْرِجُ الشَّرُّ الفظيعُ لِسانَهُ
 
............... ويَبْذُرُ لِلموتِ الرَّهيبِ البُذُورا
 
 
 
وتَنْهَشُ أَظفارُ البلادِ خُدُودَها
 
............... ويُطْلِقُ إسرافيلُ فينا الصَّفيرا
 
 
 
فلا تَنْهَنِي عن ثورةٍ غَجَريَّةٍ
 
............... تَفِيضُ دِماءً حُرَّةً وهَدِيرا
 
 
 
ولا تَنْسَنِي بينَ الكِلابِ مُمَزَّقًا
 
............... تَأَبَّتْ عُيُونِي أن تُطِيعَ أَجيرا
 
 
 
فَمِثْلِي أَرادَ الموتَ يَومًا فَعَافَهُ
 
............... فَعَاشَ بَشيرًا ثُمَّ صارَ نذيرا
 
 
 
وما عادَ يَبْغِي أنْ يَموتَ مَكَانَهُ
 
............... ولكنْ على تَلِّ الجُسُومِ مُغِيرا
 
 
*******************************
**********************
*************
© 2024 - موقع الشعر