طائرٌ بلا فضاء

لـ حمدي الطحان، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

طائرٌ بلا فضاء - حمدي الطحان

للشاعر / حمدي الطحان
 
( 1 )
 
عارٍ أنا
 
من كلِّ ريشٍ
 
أو كنوزٍ
 
أو لحونْ
 
مُستهدَفٌ بين الغصونْ
 
ليلي خفافيشُ الجنونْ
 
قلبي رهينٌ بين أنيابِ العواصف والمنونْ
 
قلبي تناوشُهُ النِّبالُ الماكرةْ
 
ما أصغرَه !!
 
ما أفقرَه !!
 
ما أخسرَه !!!
 
في حلكةِ الجدبِ السَّحيق
 
في قبضةِ الظُّلماتِ أنتظرُ السَّنا
 
يأتي قريبًا من هُنا
 
يأتي فيأتلقُ الوجود
 
وينمحي ليلُ الضَّنى
 
وتَزينُ دُنيايَ المُنى ...
 
( 2 )
 
وكانت الصَّغيرةُ البنفسجُ الحنونْ
 
تمُدُّ للأمامِ إصبعين داميينْ
 
فلا سوى الحجرْ
 
وغابةِ الحديد والرُّكامْ
 
ومعولِ الظَّلامِ بالرَّدى يَدُكُّها
 
يدكُّها
 
وما سوى ظلامْ
 
وكانت القصيدةُ الّتي تموجُ كالمحيطِ في دمي
 
وصرخةُ النَّهارِ مُطْبَقًا بجحفلِ الدُّجى
 
وبضعُ أمنياتٍ مع الصِّبا تكسّرتْ
 
تكسَّرت
 
وغُلَّ مِعصمي
 
هُناكَ في الزِّحامْ
 
وكُنتُ قد نسِيتُ أنّني مُهاجرٌ بلا وطنْ
 
وأنَّني مُضيَّعٌ بلا سكنْ
 
وأنَّني سئمتُ قصتي
 
ورحلتي
 
وغابةَ الشَّجَنْ
 
وكنتُ قد نسيتُ رُبَّما هويَّتي
 
وحفلةَ الجراحِ في فؤاديَ الحُطامْ
 
وكنتُ قد نسيتُ أنَّني
 
أتوقُ للفضاءِ
 
للعلاءِ
 
طائرًا بلا جناحْ
 
وكُلَّما علوتُ خُطوةً
 
ترنَّحتْ بيَ الجراحْ
 
فأيُّها الصَّباحُ مُرَّ يومًا من هُنا
 
واتركْ لنا في الأرضِ بعضًا من سنا
 
إنَّ الدروبَ – الَّليلَ أفرخَ ألفَ ليلْ
 
والبومُ يسكنُ في الأسرَّةِ والنُّفوسْ
 
مَنْ يرفعُ المصباحَ في وجهِ المجوس ْ؟!
 
ويُعيدُ للإنسانِ جوهرَهُ النَّفيسْ ؟!! ...
 
( 3 )
 
وكانَ خلفَ صخرةٍ
 
رهيبةٍ
 
خيامُهم تُمَدُّ في خُشوعْ
 
أولئكَ الملائكُ الصِّغارْ
 
وقد تحطَّمتْ قلوبُهم
 
كقطعةِ الثّليجْ
 
قد لاكها
 
وحشُ القِفارْ
 
فمَنْ تُرَى يقودُهم لجنَّةِ النّهارْ
 
أولئكَ الملائكُ الصِّغارْ
 
في جوفِ عالمي الكبير ْ؟!!
 
وكانتِ النِّساءُ خلفَ غابةِ الدُّموع والظُّلَمْ
 
تفنَينَ في الصُّراخِ والعويلِ والألمْ
 
لكنَّ جُدرانَ الصَّمَمْ
 
قد جاوزتْ أعلى القِمَمْ
 
فمَنْ سيُصغِي كي يُجيب ْ؟!!
 
والسَّمعُ محوٌ والقلوبْ
 
في حُضنِ عالمي العجيب ْ!!!
 
( 4 )
 
وكانَ أصحابُ المعالي والجَلَدْ
 
قد أنفقوا ما لا يُعَدّ
 
مالاً لأمرٍ ما وُجِدْ
 
إلاّ رعايا قد أُميتُوا من أمَدْ ...
 
في كلِّ يومٍ رحلةٌ
 
أو رحلتينْ
 
حَلٌّ وعقدٌ – واحتفالاتٌ ودَيْنْ
 
عبرَ الفضاءاتِ الّتي يحتلُّها الكذّابُ
 
والمُحتالُ
 
والقوَّادُ أعشى المُقلتينْ
 
بينَ البغايا
 
والعرايا
 
واختراقاتِ الجَسَدْ ...
 
( 5 )
 
وكانَ أصحابُ الشّكاوَى والدَّعاوَى والنَّكَدْ
 
قد عاتبوا مَنْ جفّفوا ضِرْعَ البلدْ
 
من أجل قِطٍّ في بلادِ العمِّ سامٍ لم يلدْ
 
أو ضُفْدعٍ ذاقَ الكَبَدْ
 
حتَّى وإنْ ظلّتْ حوارينا بفقرٍ تحتشدْ
 
حتَّى وإنْ ظلَّتْ ببردٍ ترتعدْ
 
أجسادُ جُيَّاعٍ هُنا
 
في أرضنا
 
يلهو بهم وحشُ الكَمَدْ
 
ليَهُشَّ وجهٌ سامَنا خسفًا و ذُلاًّ _ لا يُعَدّ _
 
في ساحةِ البيتِ الّذي ما اسودَّ بعدْ
 
لكنَّ صُنَّاعَ الظَّلامِ استوقفوهم دونَ شرطٍ
 
دونَ قيدْ
 
قصُّوا الّلسانَ
 
العُمرَ
 
لم يُبقُوا أحَدْ !!! ...
 
( 6 )
 
أدائمًا نُساقُ للوراءْ ؟!
 
يَغُلُّنا برغمِنا اشتهاءْ
 
ويشتهي أُفُولَنا انحناءْ
 
لقد بكتْ من أجلِنا السَّماءْ
 
فلْتنكسِرْ قيودُنا الهُرَاءْ
 
ولْينفتحْ في وجهِنا الفضاءْ
 
فإنّنا نتوقُ للعلاءْ
 
ونبتغي الشُّموخَ والضِّياءْ .....
 
********************
© 2024 - موقع الشعر