الإسكندرية والبحر

شعر : حمدي الطحان
 
----------------------------------------------
 
هائمٌ إسكندرُ السَّاعي إليكِ
 
عاشقٌ بالرُّوحِ معنىً لم يُحَقَّق
 
دائمُ التِّرحالِ و القلبُ اشتياقٌ
 
حينَ ظلَّ البحرُ مَأْسورًا لديكِ
 
و الشُّموسُ توقَّفتْ حينًا تُحَيِّي
 
ارتمتْ عيناهُ في شوقٍ عليكِ
 
و انتشتْ سَكْرَى تقبِّلُ وجنتيكِ
 
حينَ كانَ الشَّوقُ يَهْمِي من يديهِ
 
و احتِشادُ العِطرِ قلبٌ كم يُصلِّي
 
و المدى سِرٌّ هُلاميٌّ و سِحْرُ
 
لم يَزل يَمضي بروحٍ تصْطَفِيكِ
 
كم يُناغيها التَّسامي و التَّمنِّي
 
و التَّدانِي مِن بهاءٍ يَحْتويكِ
 
إنَّهُ و البحرُ لا شطٌّ سِواكِ
 
إنَّه و البحرُ طِفلانِ اسْتَكانا
 
كي يَنالا البسمةَ الأسطورة الظَّمْأى بثغرِكْ
 
كي يزورا البدرَ مسْحُورًا بخدِّكْ
 
ثورةَ العطرِ المُشَهَّى في جبينكْ
 
جنَّةَ الإلهامِ في دنيا عيونِكْ
 
رُبَّما ذاقتْ عيوني يومَ جِئْتكْ
 
شَهْدَ حُسْنِكْ
 
ربَّما أدركتُ شيئًا ما بِقُربِكْ
 
ليسَ يُدرَكْ
 
نشوةً كُبْرَى و دِفئًا مُستحيلا
 
و انقيادًا شاعريًّا و نبيلا
 
***************
 
أيُّها البحرُ الَّذي كم هاجرتْ
 
أطيارُهُ الفضِّيّةُ الظَّمْأَى لِنورْ
 
إنَّ قلبي مَحْضُ حُبٍّ
 
محضُ نورْ
 
إذ يَزورُ الدِّفءَ في أحضانِ موجةْ
 
إذ يُناجي الزُّرقة الشَّهْباءَ تَعْدو فوقَ لُجَّةْ
 
في هناءاتٍ و بهجةْ
 
رُبَّما إيزيسُ ظلَّت منذُ آلافِ السِّنينْ
 
تُرسلُ الآهاتِ مَوجاتٍ لِشطِّكْ
 
تقطعُ البيداءَ و الجنَّاتِ في أعماقِ كنزِكْ
 
تحضنُ الأصدافَ
 
و الأَلَقَ المُشَهَّى
 
و الطُّيُوب
 
****************
 
أيُّها البحرُ العجيبْ
 
رُبَّما تغفو قليلا
 
و المدى قد صارَ أحلامًا نَديَّةْ
 
و رُموزًا شاعريَّةْ
 
بينما الحُسْنُ الَّذي في كلِّ وجهٍ
 
ليسَ إلاَّ مِن بهاك
 
بينما الأشذاءُ بعضٌ مِن شذاكَ
 
رُبَّما تصحو فَترتجُّ المرايا
 
والبيوتْ
 
و يَثُورُ الرُّعبُ
 
و الموتُ المَقِيتْ
 
****************
 
أيُّها البحرُ العَتِيّْ
 
كم بلادٍ غُيِّبَتْ في جَوفِكِ القاسي السَّحيقْ
 
و شُموسٍ أُغرِقَتْ
 
ثُمَّ استفاقتْ
 
في الشُّروقْ
 
****************
 
أيُّها البحرُ السَّخِيّْ
 
أنتَ زادٌ للبرايا
 
وابتهاجٌ
 
و حنينْ
 
و اغتسالٌ من همومٍ
 
وشُجُونْ
 
واحتشادُ السّحْرِ
 
و الصَّدرُ الحَنُونْ
 
و نبوءاتٌ
 
و ذكرى
 
و فُتونْ
 
****************
 
أيُّها البحرُ اليقينُ .. الصِّدقُ
 
و الزَّيفُ .. الظُّنونْ
 
أيُّها البحرُ السَّلامُ .. العقلُ
 
و الحربُ .. الجنونْ
 
ثرثراتُ الطِّفلِ
 
قهقهة المَنونْ
 
أنتَ مِرآة الضّمير الثَّائرِ المُرِّ الحزينْ
 
و مُحاكاةٌ لِقلبٍ عاشقٍ
 
لا يَسْتَكِينْ ......
 
*********************
***************
******