إنّ السّلامَة - أبو العتاهية

إنّ السّلامَة َ أنْ نَرْضَى بمَا قُضِيَا،
لَيَسْلَمَنّ، بإذْنِ الله، مَن رَضِيَا

المَرْءُ يأمُلُ، وَالآمالُ كاذِبَة ٌ،
والمرءُ تصحبُهُ الآمالُ ما بَقيَا

يا رُبَّ باكٍ علَى ميتٍ وباكية ٍ
لمْ يلبَثَا بعدَ ذاكَ الميتِ أنْ بُكِيَا

ورُبَّ ناعٍ نَعَى حيناً أحبَّتهُ
ما زالَ ينعى إلى أن قيلَ قد نُعيَا

عِلْمي بأني أذوقُ الموتَ نغَّصَ لي
طِيبَ الحَياة ِ، فما تَصْفوا الحياة ُ لِيَا

كم منْ أخٍ تَغتَذي دودُ التّرابِ بِهِ،
وَكانَ صَبّاً بحُلوِ العَيشِ، مُغتَذِيَا

يَبلَى مَعَ المَيتِ ذِكْرُ الذّاكرينَ لَهُ،
من غابَ غيبة ً مَنْ لا يُرتجى نُسيَا

منْ ماتَ ماتَ رجاءُ الناسِ منهُ فوَ
لّوْهُ الجَفَاءَ، وَمَن لا يُرْتجى جُفيَا

إنّ الرّحيلَ عَنِ الدّنْيا لَيُزْعِجُني،
إنْ لم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيَا

الحَمدُ لله، طُوبَى للسّعيدِ، وَمَنْ
لم يُسعِدِ الله بالتّقوَى ، فقَد شَقِيَا

كم غافلٍ عن حِياضِ الموْتِ في لَعبٍ،
يُمسِي، وَيُصْبحُ رَكّاباً لِما هَوِيَا

ومُنقضٍ ما تراهُ العينُ منقطِعٍ
ما كُلُّ شيءٍ بدَا إلا لينقضِيَا

© 2024 - موقع الشعر