ساحرةٌ - محمد عدة الغليزاني

ساحِرَةٌ يحسُدُها البُلْبُلُ
بالطَرْفِ ما تَشاءُ بي تَفْعَلُ

أَباتُ لَيْلي شارِداً حالماً
بوَصْلِها لَعَلَّها تَسْأَلُ

تُوْقِظُ بالفُرَاقِ نارَ الجَوى
منْ لفُؤادي بَعْدَها يَكْفَلُ

لا يَعْشَقُ القَلْبُ سِواها ولا
طَيْري بغَيْرِ كَفِّها يَنْزِلُ

جَفَّ الفُؤادُ عِنْدَما لم يجِدْ
في أَرْضِهِ أَهْواءَها تهْطِلُ

فأَمْطَرَتْ أَشْواقُهُ أَدْمُعاً
تَسْقى منَ الآمالِ ما يَذْبُلُ

وتَبْعَثُ الرُّوْحِ بأَمْواتها
كمْ منْ حَبِيْبٍ بالنَّوى يُقْتَلُ

ما كُلُّ منْ أَحَبَّ ذاقَ الجَوى
مِثْلي ولا كُلُّ القَنا تَقْتُلُ

ساحِرَةٌ قدْ سَحَرَتْ عَيْنُها
كُلِّي فصَارَ للْلِّقا يَأْمَلُ

يحَرِّمُ النَّوْمَ على جَفْنِهِ
نَوْمُ المَشُوْقِ مالَهُ أَوَّلُ

عَيْني لها تَفْتَحُ بابَ الرُّؤى
و عنْ سِواها ناظِري مُقْفَلُ

والفَمُ مايَزالُ في صَوْمِهِ
حتّى يُنادي صَوْتُها السَّلْسَلُ

والسَّمْعُ ما راقَهُ إلّا صَدى
حمامَةٍ في هَمْسِها تهْدِلُ

هاتِ الوِصالَ قدْ سَئِمْتُ النَّوى
وشَفَّني الحسُوْدُ منْ يَعْذِلُ

ما أَجْمَلَ الأَوْقاتَ تِلْكَ التي
يَكُوْنُ فيها وَصْلُنا يَصْهَلُ

و تَجْعَلُ الصَّدْرَ بجِسْمي رُبى
فيهِ فَراشَاتٌ... و فيهِ فُلُ

سَنابِلاً تُصْبِحُ أَحلامُنا
الهَمْسُ لها الحاصِدُ و المِنْجَلُ

حَبِيْبَتي..ساحِرَتي..ها أَنا
أُهْدِيْكِ شِعْراً حَرْفُهُ مُخْمَلُ

أَسْقِيْكِ منْ أَنامِلي خمرَةً
مُباحَةً لكِنَّهَا تُثْمِلُ

عُوْدي منَ النَّوى...فَذاكَ المنى
لَهُ أَنا و بُلْبُلي نَأْمَلُ

لا تَحْسَبي أَنَّ الجَوى هَيِّنٌ
فَكَمْ بَكَيْنا أَنا و البُلْبُلُ

04-10-2010
© 2024 - موقع الشعر