مشكال الوجع - فضيلة مسعي

بأروقة دهاليز العمر
أخفت شهرزاد رموش عيني اليمامة
أخفت مراود كحلها
دموعها التي أغرقتها حتى الثديين
أخفت
و أخفت
أخفت كل شيء
و لا شيء قد أخفت...
و ذات ربيع مدت كفيها للريح
فأزهر فيهما الصبّار
و عباد الشمس
وطال شعر الذّرة
حتى رأيته أعمدة تشد قصر علاء الدين إلى فجاج الروح
و رأيت البؤبؤين و قد تمرّدا عنها
فنار ضوئهما افلت من منحدرات حكاياها
شدني و بعنف إلى مشكال الوجع
 
و بالمشكال رأيتني
و رأيتهم
مهرجان ألوان
فاكهة حزن
يقضمها الواحدة تلوى الأخرى عبد الرحمان
قلت با ابن خلدون ...
حدثت عن المبتدأ والخبر
عن العبر
عن العرب
و العجم
و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر
عن البدو
و الحضر
الملل والنحل
عن الأجيال
و الدول
و تعاقب الأمم
عن الحب
والكره
و العلم
والأدب ...
فكيف يا ابن خلدون ؟
كيف؟؟؟
لا الكتاب
و لا المقدمة تحدثا عن الضفائر
والأظافر
و لمجة الصبح بطحالب الضمائر
فكبف يا ابن خلدون..
كيف؟
و بأي عبر
و أي كتاب
و أي قلم ستقلم يا ابن خلدون ناتئات الوجع
فان غوج يبكي أضلاف لوحته
و ريشته تراقص أوصال قبّرة وجلة
قبّرة يتخبط جناحاها ف غليون إسفلت الشهوة
يلتصق بشميم دبق عسلي على لحاء شجرة
فيضج الفؤاد
و يضج المكان
و بعصرنا الحلم كرضاب من فم امرأة مخروطية الشفاه
آمنت يا ابن خلدون بعلم العمران
و آمنت بعلم الاجتماع
فعلمني يا سيدي
يا سيدة علم الاجتماع
يا ابن خلدون...
علمني كيف أنمو من جديد في مشيمة برحم أمي
وعلم أمي كيف تحملني لتسعة أشهر
و تتدرب على وضعي "منتصب القامة امشي"
و ليس مصلوب الرأس
علمني يا ابن خلدون
علمني أن أعرف بنظرة عدد مسامات جلدي
و أن أجمع نشارة عباد الشمس
زهر الصبار
شعر الذرة بكفي ...
علمني كيف أقرأ حروف اسمي من اليمين إلى اليسار
و من اليسار إلى اليمين
و من فوق إلى تحت
و من تحت إلى فوق
علمني أن أقول أنا "الإنسان.."
و بصحن داري فناجين قهوة
و شايا
لك يا ابن خلدون
و لاوقيست كونت
لاميل دوركايم
لديكارت
سان سيمون
كارل ماركس
بيار بورديو
و ماكس فيبر...
 
تونس 2009
© 2024 - موقع الشعر