ضريح أمير المسلمين محمد - ابن زمرك

ضريح أمير المسلمين محمد
يخصك ربي بالسلام المردد

وحيتك من روح الإله تحية
مع الملأ الأعلى تروح وتغتدي

وشقت جيوب الزهر فيك كمائم
يرف بها الريحان عن خضل ندي

وصابت من الرحمى عليك غمائم
تروي ثرى هذا الضريح المنجد

وزارتك من حور الجنان أوانس
نواعم في كل النعيم المخلد

وجاءتك بالبشرى ملائكة الرضى
كما جاء في الذكر الحكيم الممجد

وصافح منك الروض أطيب تربة
وعاهد منك المزن أكرم معهد

رضى الله والصفح الجميل وعفوه
يوالي على ذاك الصفيح المنضد

ويا صدفا قد فاز من جوهر العلا
بكل نفيس بالنفاسة مفرد

أعندك أن العلم والحلم والحجى
وزهر الحلى قد أدرجت طي ملحد

وهل أنت إلا هالة القمر الذي
بنور هداه الشهب تهدي وتهتدي

ويا عجبا من ذلك الترب كيف لا
يفيض ببحر للسماحة مزبد

لقد ضاقت الأكوان وهي رحيبة
بما حزت من فخر عظيم وسؤدد

قدمت على الرحمن أكرم مقدم
وزودت من رحماه خير مزود

اقام بك المولى الإمام محمد
مؤمل فوز بالشفيع محمد

فجاء كما ترضى وترضى به العلا
وأنجز للأمال أكرم موعد

ومد ظلال العدل في كل وجهة
وكف أكف البغي من كل معتد

وقام بمفروض الجهاد عن الورى
وعود دين الله خير معود

قضى بعدما قضى الخلافة حقها
وعامل وجه الله في كل مقصد

وفتح بالسيف الممالك عنوة
ومدت له أملاكها كف مجتد

وكسر تمثال الصليب وأخرست
نواقيس كانت للضلال بمرصد

وطهر محرابا وجدد منبرا
وأعلن ذكر الله في كل مسجد

ودانت له الأملاك شرقا ومغربا
وكلهم ألقى له الملك باليد

وطبق معمور البسيطة ذكره
وسارت به الركبان في كل فدفد

وسافر عن دار الفناء ليجتلي
بما قدم اليوم السعادة في غد

وقام بأمر الله حق قيامه
بعزمه لا وأن ولا متردد

لئن سار للرحمن خير مودع
وحل من الفردوس اشرف مقعد

فقد خلف المولى الخليفة يوسفا
يعيد له غر المساعي ويبتدي

سبيلك في سبل المكارم يقتفي
وهديك يا خير الأئمة يقتدي

محمد جلى الخطب من بعد يوسف
ويوسف جل الخطب بعد محمد

ولو وجد الناس الفداء مسوغا
فداك ببذل النفس كل موحد

ستبكيك ارض كنت غيث بلادها
وتبكيك حتى الشهب في كل مشهد

وتبكي عليك السحب ملء جفونها
بدمع يروي غلة المجدب الصدي

وتلبس فيك النيرات ظلامها حدادا
ويذكي النجم جفن مسهد

وما هي إلا أعين قد تسهدت
فكحلها نجم الظلام بإثمد

فلا زلت في ظل النعيم مخلدا
ونجلك يحيا بالبقاء المخلد

وأوردك الرحمن حوض نبيه
واصدر من خلفت عن خير مورد

عليك سلام مثل حمدك عاطر
يفض ختام المسك عن تربك الندي

وصلى على المختار من آل هاشم
صلاة بها نرجو الشفاعة في غد

© 2024 - موقع الشعر