من لميرَ الشمسَ لم يحصلْ لناظرهِ - الرصافي البلنسي

من لميرَ الشمسَ لم يحصلْ لناظرهِ
بينَ النهارِ وبين الليلِ فرقانُ

مرأى ً عليه اجتماعٌ للنفوسِ كما
تَشَبَّثَتْ بلذيذِ العيشِ أَجْفَانُ

للعينِ والقَلْبِ في إِقْبالِهِ أَمَلٌ
كأنَّهُ للشَّبابِ الغضِّ رَيْعَانُ

سارٍ من النقعِ في ظلماءَ فاحمة ٍ
والشُّهْبُ في أُفُقِ المُرَّانِ خِرْصانُ

وَمُغْتَدٍ وَمِنَ الخطيِّ في يَدِهِ
عَصَاً تَلَقَّفَ منها الجيشَ ثُعبان

مِمَّنْ له حدُّ سَيْفٍ أَو شَبَا قَلَمٍ
شرارُهُ في الوغَى والفهمِ نيرانُ

يسلُّ مقولهُ إِنْ شامَ منصلَهُ
وللخطابِ كما للحربِ أوطانُ

قد يسكتُ السيفُ والأقلامُ ناطقة ٌ
والسيفُ في لُغَة ِ الأَقْلام لَحَّانُ

عدلاً ملأْتَ به الدنيا فأنت بها
بينَ العبادِ وبينَ الله ميزانُ

أبياتُ معلوة ٍ في كلِّها لكمُ
أُسٌّ كريمٌ على التَّقْوَى وَبُنْيَانُ

فلوْ لحقْتُمْ زمانَ الوحيِ نزلَ في
تلكَ الصفاتِ مكانَ الشِّعْرِ قُرآن

مَنْ لم يُصِخْ نَحْوها والسيفُ مُلْتَحِفٌ
فسوف يَقْرَؤُهَا والسيفُ عُرْيانُ

موتُ العدَا بالظبا دينٌ وإِن مطلتْ
به سيوفكَ فالأيَّامُ ضمَّانُ

فكنْ من الظفرِ الأعلى على ثقة
منك الظُّبا ومن الأعناقِ إِذْ عانُ

لا زالَ كلُّ عدوٍّ في مَقَاتِلِهِ
دمٌ إِلى سَيْفِكَ الريَّانِ ظَمآنُ

© 2024 - موقع الشعر