لزوم ما لا يلزم ( 37- 43 ) - نجيب سرور

(37)
 
حوار مع ناظم حكمت
 
( أ )
 
الناعى
 
...
 
صمتاً صمتا يا أشجار !
 
صمتا صمتا يا أطيار !
 
صمتا يا أمواج البحر ويا أنهار !
 
صمتاً يا شعراء ويا أشعار !
 
صمتا يا كل الأنغام الحلوة في كل الأوتار !
 
فلقد صَمَتَ القلب الشاعر . كف عن النبض القيثار .
 
ناظم نام ..
 
( ب )
 
عابر سبيل
 
...
 
نَمْ يا صديق ..
 
من حق قلبك أن ينام ..
 
فطالما حرموه أن يغفو هو القلب الرفيق ..
 
كانوا هنالك شاهري الأنياب والأظفار
 
في كل منعطف على طول الطريق ..
 
نم يا صديق ..
 
( ج )
 
رجل من تركيا
 
...
 
نم يا صديق ..
 
من حق قلبك أن ينام فكم أقضوا مضجعه ..
 
كم خنجر غرسوه ما بين الشغاف فأوجعه ..
 
يا ويحها " إستامبول "
 
في ليل الخناجر ..
 
" شدوا على المجداف أيديكم أماما يارفاق ! "
 
والبحر يهدر والزبد ..
 
يغلي على الأمواج والمجداف يضرب والرياح ..
 
تعوي .. ويغرس خنجر .. يا كم يطيق ..
 
القلب من طعن الخناجر .. كم يطيق ..
 
نم يا صديق ..
 
( د )
 
رجل من مدريد
 
...
 
نم ياصديق ..
 
من حق قلبك أن ينام ..
 
فطالما صلبوه في مدريد في غرناطه الثكلى ..
 
أَيُغْمِضُ طائرٌ عينيه حين تعلق الأطيار فى بدء الربيع ..
 
على المشانق ..
 
" لوركا " تنام العين لكنَّ القلوب ..
 
في الليل تنزف لا تنام ..
 
ويل الذين لهم قلوب لاتنام ..
 
نم ياصديق ..
 
( ه )
 
رجل من أفريقيا
 
...
 
ايه " ترانتا " كيف عنزاتك . كيف الحال في أفريقيه ..
 
غنى لحون النصر للقلب الذي غنى ..
 
لنصرك منذ أن كانت برجليك القيود ..
 
غنى لناظم بالخلود ..
 
اليوم دورك ياترانتا .. دَوْرُنا ..
 
فلمن نغنى يا ترى ..
 
ان لم تكن ألحاننا تهدى لمن غنى لنا
 
نم ياصديق !
 
( و )
 
أنا
 
...
 
نم كل شىء مثلما قدرت كان
 
فى آسيا
 
وبقلب أوربا .. وفي أفريقيه ..
 
حتى بكوبا ما عداها تركية ..
 
لما تزل والليل آلاف الخناجر
 
ورسالة في الجيب لابنك تنتظر
 
ساعى البريد
 
إنا نَمَلُّ الانتظار
 
فنموت أفرادا ولكنَّ الشعوب ..
 
ليست تمل الانتظار ولاتموت
 
نم يا صديق ..
 
الشمس ما زالت تدور ..
 
والأرض والعجلات والآلات .. ما زالت تدور ..
 
وعقارب الساعات ما زالت تدور ..
 
لو أن شيئا قد وقف ..
 
لجزعت من أجل الحياة ..
 
حتى بقبرك يا صديق
 
أو لم تقل إن " الحياة ..
 
في كفة الميزان أرجح " ..
 
أو لم تقل أن " الدموع ..
 
في قرننا العشرين - لاتبقى طويلاً في المآقى " ..
 
حسبنا أن الدموع ..
 
من بعدنا صارت أقل .
 
نم يا صديق .
 
- قدد كان حلمى أن أراك .
 
- بل كنت في موسكو وكنت أنا هناك ..
 
والباب مفتوحاً لكل الأصدقاء ..
 
لم لم تَجِىءْ في الزائرين ؟
 
- أحجمت حتى لاتظن بى الرياء ..
 
أو ظِنَّةُ اللبلاب .. أو فن التمسح بالكبار ..
 
فالسوق ملأى بالغوازي والبغايا والحواة ..
 
ملأى سماسرة .. لصوصا .. يعرفون ..
 
من أين تلتهم الكتف ..
 
والترقوة !
 
- أدرى وما بالوسع حيلة ..
 
هذي مبيدات الذباب ..
 
في الأرض بالأطنان تنتجها المصانع .
 
هل قَلَّ في الأرض الذباب ؟ !
 
- فلنعترف أنا كبارا أو صغارا ..
 
فينا إزاء المدح ضعف لايقاوم .
 
- هذا صحيح .
 
- في شرقنا كل ينصب نفسه ،
 
في غفلة النقاد رائد ما يشاء ،
 
يكفي لهذا أن يكون المرء موهوباً بفن اللاحياء ،
 
فن الوصول إلى الكتف ،
 
فن التجارة بالمذاهب ،
 
والسمسرة ..
 
- يا .. يا حفيظ !
 
- في شرقنا من هؤلاء
 
رواد هذا الفن آلاف الشيوخ ،
 
ولكل شيخ مذهبه ،
 
وطريقته .
 
خَتْمُ الخواجه لم يزل في الشرق عنوان الأصالة !
 
- قل عن لساني للزبائن :
 
لاتشتروا السلع الرخيصة ،
 
لايصنع التقريظ فيلا من ذبابة .
 
- سيقال إنى حاقد لخراب دكانى .. على حظ بدكان مجاور !
 
السوق عرض يستجيب إلى الطلب ،
 
لن أفتح الدكان إلا بعد موتى ..
 
لاتريد السوق إلا من يجيد السمسرة ..
 
- ما اسم الكريم ؟
 
- اسمي " نجيب " .
 
أنا واحد من بين آلاف الصغار ..
 
أبناء ناظم
 
- إن في عينيك حزنا يا نجيب ،
 
بل ليس هذا الحزن عنى بالغريب ،
 
لأكاد أَلمس باعثه !
 
حزن المنافى .. هكذا يبدو تماماً في العيون ،
 
هل أدركتك " أشق مهنة " ؟
 
- من سنين !
 
- لايعرف الأحزان من لايعرف المنفى ...
 
- وبعضهم يسمسر ..
 
حتى بأحزان المنافى ياصديق !
 
العصر عصر السمسرة ،
 
العصر ماخور ..
 
- لم التعمى ؟ مازالت هناك جوانب العصر الوضيئة .
 
- قد أطفأوها ..
 
- لاتبالغْ في التشاؤم .
 
- بل لاتبالغْ في التفاؤل .
 
- لو لم نكن متفائلين ونحن بالمنفى لحق الانتحار !
 
- حاولته وفشلت مرة .
 
لا بل جبنت لأننى أهوى الحياة ،
 
ولأن لي طفلا وزوجة ،
 
ولأن لى أهلا بمصر ،
 
ولأننى أخشى تراب الآخرين ،
 
أخشى البقر .
 
" ودا قبر مين اللي البقر هده
 
قبر الغريب اللي هجر أرضه "
 
- قَبْرٌ سلِيمٌ لم يزل
 
وعليه أطنان الورود كما ترى .
 
ما هده بقر ..
 
- ولكن أنت ناظم ..
 
والعهد بالأبقار تهوى أن تدوس على الضفادع !
 
* * *
 
- أين طفلك ؟
 
- منذ عام لم أره .
 
- أهو في مصر اذن ؟
 
- بل بموسكو وأنا في بودابست !
 
هكذا قلبي ممزق .
 
منه في موسكو بطين وأذين
 
ثم في مصر بطين وأذين !
 
- أى منفى مزدوج !
 
- هكذا حظ الضفادع !
 
- لست أفهم ،
 
أهى إجراءات روتين ؟
 
- يجوز ..
 
لست في حِلًّ هنا من قول شىء ،
 
- ان هذا لايجوز ،
 
وخصوصا ها هنا في بودابست .
 
- ربما يحصل هذا بل وألعن ..
 
في أَجَلَّ " العائلات " !
 
- ليس يدري الحب من ليس باب .
 
- لم أكن أعرف قبلا ..
 
أن بعض الناس حتى ها هنا من غير قلب .
 
- أنت مهزول ومصفر
 
- مريض القلب ممرور وما شئت فقل .
 
- ولماذا ؟
 
- جائع منذ شهور !
 
- أنت جائع ؟
 
- مثلما فأر بجامع .
 
- ولماذا ؟ كيف هذا ؟
 
- جاع " بيتوفى "
 
هنا قبلى طويلا .. مات جوعا !
 
- كان في عصر يجيع الشعراء ..
 
مثل غير الشعراء .
 
فلماذا جعت أنت ؟
 
- لن تصدق .
 
واذا صدقتني لن تستطيع ..
 
فعل شىء ، أنت يا ناظم ميت
 
أنت ميت
 
بينما يحيا اللصوص!
 
أنت لن تُحيى قلوبا ..
 
علقوها مثل ( لينين ) بعروات الستر .
 
- اللصوص
 
انهم دوما هنالك .
 
- كالذباب .
 
- قلة هم رغم ذلك ..
 
فاعترف
 
- بولة قد تملأ البحر نجاسة ،
 
- كن صبورا كالجمل .
 
- ليس لي ما للجمل ..
 
من سنام ،
 
غير أنى صابر مثل الجمل ،
 
مثل " بيتوفى " ..
 
- أتضحك ؟
 
لم تضحك ؟ !
 
- أمس يا ناظم صدفة ،
 
شفت " بيتوفى " على ورق النقود .
 
أترى ؟ ها أنت تضحك ..
 
أنت أيضاً !!
 
( 38 )
 
تنفى من المنفى ، وتبدأ من جديد ،
 
هذا مصيرك يا شريد ،
 
أن تطرق الأبواب من باب لباب ،
 
فتردك الأعتاب للأرض الخراب ..
 
كلبا يضيع مع الكلاب !
 
يا ساكنى الواحات اني ظامىء قطع الصحارى في هجير الشمس هل من كوز ماء ؟
 
الأرض ضنت والسماء ،
 
والناس والأصحاب .. بخل ؟ .. أم ترى الكل ظماء ؟
 
أنا عرفنا بدءها هذى الصحارى ،
 
أين من يفتى بأن لها انتهاء !
 
وتصيخ للمذياع مشدود العروق ،
 
ما آخر الأخبار ؟ تنبش في الضجيج ولا خبر ،
 
الصبر يا عباد شمس ..
 
قد غطت الشمس الغيوم ،
 
فاضمم ضلوعك وانتظر
 
يوما ستنقشع الغيوم .
 
والخبز يا كيخوت مر ..
 
خبز المنافى ، مثلما العلقم مر
 
لو كسرة من خبز مصر !
 
والماء يا كيخوت مر ..
 
ماء المنافى .. مثل ماء البحر لايشفى غليلاً بل يزيد من الغليل ،
 
لو قطرة من نيل مصر !
 
حتى الهوا كأنه السم الزعاف ،
 
لو نسمة تأتيك من أنفاس مصر !
 
يا قريتى ، ياظلة الصفصاف ، يا برج الحمام ..
 
في سطح بيتى ، عاد للبرج الحمام ..
 
مع المغيب ولم أعد !
 
وفتاك يا أحلى صبية ..
 
يا مصر ، عاد إليك محمر الخدود ،
 
قطع الصحارى لاهثا في القيظ مد اليك من دلتاه أحنى ساعدين ،
 
فخذيه للصدر الحنون على السرير السندسى ،
 
أرخى عليه جدائل الصفصاف ، ما أحلى اللقاء !
 
فالقحط إِنْ طال الفراق
 
والجدب أن طال الفراق
 
والموت والظلمات أن طال الفراق .
 
...
 
فليعزف الكروان أحلى ما لديه من النغم
 
لحنا لأوفى عاشقين :
 
الشاب يتكلم :
 
يا صبايا هل رأيتن حبيبى ؟
 
ليس فيكن حبيب كحبيبي
 
ليس في الروض حبيب كحبيبي
 
ليس في الأرض حبيب كحبيبي
 
هل رأيتن حبيبي ؟
 
حمرة التفاح في خد حبيبي
 
نظرة النرجس في عيني حبيبي
 
بسمة الفل كأسنان حبيبي
 
عسل النحل على ثغر حبيبي
 
نَفْحَةُ الريحان في أنفاس حبيبي
 
همساتُ السَّرْوِ من همس حبيبي
 
بَحَّةُ الأرغول في نبر حبيبي
 
رَفَّةُ الأنسام في خطو حبيبي
 
سُمْرَةُ الطمى على وجه حبيبي
 
هل رأيتن حبيبي ؟
 
العذراء تتكلم (11)
 
نهر عريض يا حبيبي بيننا .. نهر عريض ،
 
على رمال الشط تمساح ، ولكني أسير على المياه ،
 
قلبي جسور لايخاف من الغرق ،
 
فأنا أحب !
 
والحب يحمينى كرُقْيَة ..
 
من فَكَّىِ التمساح في الرمل ، يحيل الماء تحتي يابسة ،
 
فأجىء ظامئة اليك !
 
الشاب يتكلم :
 
بشنينتى .. أحبولة حاجباك
 
أحبولة لى مقلتاك
 
أحبولة لى وجنتاك
 
وأنا الأوزة قد قعت !
 
العذراء تتكلم :
 
أنت حلو يا حبيبى .. أنت حلو
 
مثلما ريق القصب
 
مثلما نز الرُّطَب
 
مثلما الخبز على طول سغب
 
أنت حلو يا حبيبى .. أنت حلو
 
مثلما نهر زبيب
 
مثلما كوز حليب
 
أنت يانع ..
 
أنت كالنعناع يانع ،
 
انعشونى بحبيبي ،
 
ثم عودوا أسكرونى بحبيبي !
 
الشاب يتكلم :
 
إنى أضم حديقتي .. ياحُقَّ عطر
 
إنى أقبلها كأنى سابح في نهر خمر
 
العذراء تتكلم :
 
سأظل من قلبي أحبك ياحبيبي ،
 
سأظل .. حتى لو ضربت من الشمال إلى الجنوب ،
 
ومن الجنوب إلى الشمال ،
 
بالسوط .. أو بجريد نخل !
 
سأظل من قلبى أحبك يا حبيبي ،
 
لاتبتعد عني بحق (بتاح) لحظة
 
ان كنت برداناً .. لدى لك الملاءة
 
أو كنت ظمآنا .. فها نهداى لك
 
أو كنت جوعانا .. فكل تفاح حبى .. ها أنا بين يديك
 
الشاب يتكلم :
 
يا ليتنى بالقرب منها خادمة
 
عند الغدم
 
لأرى سناها كل يوم
 
يا ليتنى الخاتم في أصبع موز
 
العذراء تتكلم :
 
ثوبى من الكتان ، هيا ياحبيبى نستحم
 
لترى جمالى عندما يبتل ثوبى
 
هيا معى ..
 
سأغوص ثم أعود .. بين أصابعى ..
 
بلطية حمراء أهديها اليك !
 
ثوبى من الكتان هيا يا حبيبى نستحم .
 
وتعود للمذياع تنبش في الضجيج ولا خبر
 
وترى النهاية حفرة لا فرق يا حفار أين ،
 
ما دامت الأبقار لاترحم قبراً لغريب !
 
( 39 )
 
كانت بقلبى لؤلؤة
 
لو جاءنى " الحكيم " ..
 
بالعرش يشتريها ، بالكنوز ..
 
ما بعتها ،
 
أو قيل هذى الشمس والقمر ،
 
وهذه الكواكب الأخر ..
 
بديلها .. ما بعتها ،
 
بالمجد ، بالخلود ،
 
بأى شىء في الوجود ، بالوجود ..
 
ما بعتها
 
أو جاءنى " عزريل " ..
 
أموت أو أبيعها .. ما بعتها .
 
كانت بقلبى لؤلؤة !
 
أبهى سناء من ضياء الشمس من نور القمر ،
 
كانت كما " فرجيل " أو " باتريس " ،
 
في الغابه السوداء للقديس ..
 
" دانتى " كبسمة المنار للملاح
 
بعد الضياع في بحار الهول .
 
كانت بقلبى لؤلؤة .
 
كانت كما فرخ بعش
 
كم عدت في المغيب كالبجع ،
 
والجيب خاو والجراب ،
 
أطعمتها حشاى
 
سقيتها دماى
 
دثرتها في القر بالشغاف ،
 
رعيتها ، أَنْمَيْتُها كأم ،
 
حَمَّيْتها من لمسة النسم ،
 
صليت للاله كل يوم ،
 
من أجلها صليت للاله
 
أديت رغم فقري الزكاة .
 
لترين كل يوم من دمى !
 
رحلت في الحجيج ،
 
وطفت بالضريح ،
 
جارت بالدعاء بالرجاء ..
 
أن يحفظ الاله اللؤلؤة !
 
لكنني صحوت ذات يوم
 
فلم أجدها .. اللؤلؤة
 
فتشت عنها في زوايا القلب
 
القلب خاو مثل قلب ميت
 
وباردٌ كقلب ميت ،
 
ومظلمٌ وموحشٌ كقلب ميت !
 
فتشت عنها في مسارى الدم
 
نَبَشْتُ كل ركن في الضلوع
 
نَبَشْتُ في مسارب الدموع
 
فلم أجدها .. اللؤلؤة
 
جاء اللصوص في الظلام ثم عادوا في الظلام ..
 
باللؤلؤة !
 
هرعت مثل ثكلى للطريق ،
 
صرخت : " أمسكوا اللصوص ..
 
السارقى لؤلؤة ،
 
كانت بقلبي اللؤلؤة !"
 
فأمسكوا بي لابهم ، ظنوا بي الجنون ،
 
راحوا جميعاً يضحكون :
 
" وهل هناك لؤلؤة ..
 
في عصرنا بقلب ؟ "
 
- يا أيها اللصوص .. أمسكوا اللصوص !
 
فعصبوا عينى ، كتفونى بالحبال ، ساقني لص للص ،
 
حتى رأيتنى أمام شيخ منصر ،
 
وتحت نعله وجدت اللؤلؤة !
 
لكنها واحسرتى مهشمة ،
 
لايجبر الزجاج إن كُسِر ..
 
هل تجبر اللآلىء المحطمة ! ؟
 
كانت بقلبي لؤلؤة !
 
( 40 )
 
في البدء كان السرقة !
 
...
 
قد طمسوا سر الانسان
 
إذ قالوا " حيوان ناطق "
 
فالأوجب " حيوان سارق !"
 
السرقة كانت - لا الكلمة -
 
في البدء ، فقط ضبط الشرطة
 
في الجنة حوا وآدم
 
بالتفاحة !
 
هبط اللصان إلى العالم
 
فإذا العالم
 
وكر اللصوص !
 
( 41 )
 
" إِفتح سمسم " !
 
وانْشَقَّ الصخر كما شقت أمواج البحر عصا موسى .
 
ما رقم اللص الداخل .. ليس يهم !
 
فليكن الألف أو المليون .
 
أو ما اسم اللص الداخل .. ليس يهم !
 
سموه عليا ( بابا ) أو سموه ..
 
إن شئتم ( ماما ) سيان
 
فالداخل لص وابن لصوص
 
قد جاء ليسرق بيت لصوص ،
 
والذهب جبال منصوبة ،
 
واللؤلؤ في الف زكيبة ،
 
والفضة تل ، مَرْجَان ..
 
بالأطنان ،
 
والعِفَّةُ قُصْرُ الذيل ، ودَأْبُ العاجزِ أن يدعى الزهد ،
 
( اغلق سمسم! )
 
وانضم الصخر كما انضمت أمواج البحر على فرعون !
 
( 42 )
 
طرطوف إلى الأبد !
 
...
 
طرطوف الماكر كالحرباء ،
 
تلقاه هناك بكل عقيدة .
 
في شملة أى نبي ليس يهم !
 
وبأى كتاب ليس يهم !
 
فلديه من الأزياء ألوف ،
 
أستاذ ( الموضه ) طرطوف !
 
وخبير في حالات الطقس ،
 
ولديه من الكتب الوف
 
فوق رفوف
 
وهناك تنام التوراة
 
جنب الانجيل
 
جنب القرآن و ( رأس المال ) ،
 
و ( رجوع الشيخ ) ، وما لايخطر حتى للشيطان ببال ،
 
فالحيطة رأس الحكمة والأيام دول !
 
( 43 )
 
طبيب رغم أنفه !
 
...
 
لم يكن يفهم في الطب ولكن هجموا يوماً عليه ..
 
بالسياط :
 
- أنت في الطب نطاسى ضليع
 
- انا حطاب بسيط !
 
- انت ماكر ..
 
والتواضع ..
 
شأن كل الماكرين !
 
ثم ماذا ؟ صار ما شاؤوا .. طبيبا ..
 
بل وفى الطب نطاسيا ضليعا ،
 
لاتلوموا من تعذب ..
 
فادعى الطب طريقا للنجاة ،
 
وجب اللوم على من خيروه
 
بين موت - حين يصدق -
 
وحياة - حين يكذب -
 
فكذب !
 
___________________
 
(11) هذا المقطع وما بعده من شعر الغزل المصرى القديم -
 
نظم عن ترجمة سليم حسن
© 2024 - موقع الشعر