في المطار

لـ كريم معتوق، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

في المطار - كريم معتوق

( 1 )
 
بيننا صمتُ زجاجٍ
 
ومجراتُ حنينْ
 
ويدٌ غصَّ بها الدمعُ
 
وما كنتُ حزينْ
 
كان بي شبه ُ بكاءٍ
 
شبه ُ خوفٍ
 
وارتباكٍ وحنينْ
 
وفتى الدار الموشى
 
باسماً حولي تحييهِ عيونُ العابرينْ
 
يا شبيهَ الوجهِ مني
 
لو أخذتَ الطبعَ عني
 
ربما أبكاكَ وجهي
 
وأنا أسترُ دمعاً كل حينْ
 
(2 )
 
لا تقلْ شيئاً .. تحدثنا كثيراً
 
وطوينا بالأحاديثِ الأماني
 
زرتُ عينيكَ بعيني مراراً
 
ولمحتُ السحرَ فيها والأغاني
 
لا تقلْ ..
 
في لغةِ الهجرِ القواميسُ صغارٌ
 
ربما أصغرُ من شهقةِ حزنٍ
 
مسَّها عطرُ التداني
 
والمطاراتُ فراقٌ , والمطاراتُ لقاءٌ
 
وأنا بينهما وحدي أعاني
 
يتلقاني برودُ الأمكنة ْ
 
حين عادتْ بي سنينٌ
 
ثم طافتْ بي فصولُ الأزمنة ْ
 
دون أن أحفرَ في ذاكرةٍ
 
حفظتْ أسرارَ قلبي المعلنة ْ
 
ها هنا اسمكَ .. صيفٌ حاضرٌ
 
لأبٍ أطفأ عشرين سنة ْ
 
قبل أن تأتيهِ من جدٍ لجدْ
 
عرفتْ باسمكَ أطرافُ البلدْ
 
قيلَ بنتٌ سوف تأتيهِ
 
وكذبتَ الذي قيلَ
 
وصدّقتَ مع الدايةِ إذ قالتْ ولدْ
 
بعدها قلتُ ولدْ
 
وتنفستُ على صرختكَ الأولى قصيدْ
 
لا تقلْ .. من عاد بي في هذه الساعةِ
 
للأمس البعيدْ ..؟
 
عدتُ كي أغتالَ حزني
 
وأباري وثبة الخوفِ بأعصابي
 
فأسرجتُ النشيدْ
 
ولدي ..
 
هل تذكرُ اللعبة َ ؟
 
أومى .. " أيها ؟
 
كانوا كثاراً يا أبي في كل عيدْ "
 
أنا لا أذكرُ لكني تشهيتُ حديثاً منكَ
 
يغتالُ دموعاً
 
من عيوني لا تحيدْ
 
وتحايلتُ لكي أنسى بأن البُعدَ قد حانَ
 
وأن الليلَ من بعدك يمتدُّ لكي يفردني
 
في ساحة الحزن وحيدْ
 
" حان وقت ال .. "
 
لا تقلْ ..
 
لم يزل بعضٌ من الشاي
 
لبعض الوقتِ والقهوةِ
 
بعضٌ من كلامْ
 
ها هو المقهى وأومأتُ
 
" بعيد ٌ يا أبي " قالَ
 
تذكرتُ بعيداً
 
فتهاويتُ مع الصبرِ أوافيهِ عناقاً وسلامْ
 
أنتَ يا مَنْ دخلَ القلبَ بلا استئذان
 
إن تنسى ..حرامْ
 
وإذا ما قلتَ لي في كل صبحٍٍ
 
صبحكَ الرحمنُ
 
فالصبحُ .. حرامْ
 
وإذا ما اجتزتَ أيامك عدواً
 
كي ألاقيك .. حرامْ
 
وإذا خيرتني في هذه الساعةِ
 
ما بين رحيلٍ ..
 
دون أن تكملَ
 
هيأتُ لك القلبَ مقامْ
 
فأنا الآن كمن كان يداريكَ صغيراً
 
ويراعيك بما يُرضي الأنامْ
 
فاستدرْ ...
 
ولتذكر الله كثيراً
 
ولدي ...
 
أطلقتُ من حولكَ أسرابَ الحمامْ
 
( 3 )
 
هذه الساعة ُ لا أدري ومرتْ
 
حملت وزرَ انكساري
 
وانحناءاتِ سنين الانتظارْ
 
عبرتْ حولي وجوه ٌ
 
لا أرى فيها الذي فيكَ بياضاً بسمارْ
 
ربما تعرفُ عني
 
وأنا الواقفُ رغم الانكسارْ
 
ولدي ..
 
واللثغة ُ الأولى لبابا
 
لم تزلْ تمنحُ أفراحي مدارْ
 
ولدي ..
 
واللثغة ُ الأولى لدادا
 
حملت بُعد المجراتِ حوارْ
 
دارتْ الأرض بنا يا ولدي
 
ها أنا أجلسُ في زاويةٍ تحت جدارْ
 
مُتعباً من بُعدكَ المقبلِ
 
قد أسندتُ سمعي للمطارْ
 
( 4 )
 
عذتُ بالرحمنِ يا حنانُ يا منانُ
 
يا ربي ويا رب الزمانْ
 
ها هنا خفقة ُ روحي
 
من سوى ظلك حصنٌ وحنانْ
 
ولدي رعشة ُ روحي
 
وأنا استودعتهُ عندكَ يا بحرَ الأمانْ
 
عذتُ بالرحمنِ
 
يا حنانُ يا منانُ يا حنانُ يا منانُ
 
يا كل مكانْ
 
عذتُ بالرحمنِ
 
يا رباً معينا لا يُعانْ
 
عذتُ بالرحمنِ
 
يا حنانُ يا منانُ من أجل محبيهِ القدامى
 
لا ترينا بأمانيهِ هوانْ
 
أولٌ أنتَ أخيرٌ , قادرٌ أنت مجيرٌ
 
عادلٌ أنتَ قديرٌ , عاجزٌ فيكِ اللسانْ
 
فتذكرتكَ قولاً كاملاً
 
في سورة الرحمنِ
 
علمت بني الإنسان أسرارَ البيانْ
 
( فبأي آلاء ربكما تكذبان )
© 2024 - موقع الشعر