الطفل المدلل - ايزابيل كمال

الطفل المدلل
 
 
 
كان يسترسل فى حكاية طويلة
 
عن طفل مدلل
 
حتى يذبل ضوء الشمعة
 
فتأخذه غفوة قصيرة..
 
يفيق
 
ليجد نفسه وحيدا على الشاطئ
 
وقد مضت كل القوارب
 
وسكنت كل الطيور
 
فيظل فى مكانه
 
ينتظر طلوع الشمس
 
التى تأتى له كل صباح بالحكاية
 
ينسج خيوطها
 
ويصنع أشرعة
 
لمراكب وهمهِ
 
ويتسلق سلالم لا موجودة
 
يصعد إلى أعلى
 
يلتقى بكهنة معابد الليل
 
يقدم قرابينه
 
من ذكريات ماض ما أتى قط
 
وحاضر غافل عن الأبرياء
 
وغد معلق فى فم ضخم
 
لوحش يأكل منه الزمن
 
 
 
وعندما تخرج عليه ساحرة أو جنية
 
من إحدى القصص
 
تلف جسده بشعرها الثلجى
 
وتفك أزرار قميصه
 
مدعية الطب والحكمة
 
ثم تضحك ..
 
فتخرج من فمها ثعابين كثيرة
 
ترقص على ألحان
 
اهتزازات الشمعة
 
تنفخ فيه
 
فيسقط
 
ليجد نفسه
 
جالسا
 
إلى رجل كريه
 
يرتدى سترات كثيرة
 
ويبول على نفسه
 
فتنبت حوله أعشاب اليأس ..
 
والمرض
 
فيحكى له حكاية الطفل المدلل
 
يتثاءب الرجل
 
ويختطف الحكاية من فمه
 
فتأخذه غفوة قصيرة ..
 
يفيق
 
ليجد نفسه وحيدا
 
فى بيت تحطمت نوافذه وأبوابه
 
يدخل البرد سريعا
 
يدق مساميره
 
فى أصابع القدمين واليدين
 
فينوء بآخر صلواته
 
وينام
 
 
 
تغتسل وطاويطه
 
وتخلع الأردية السوداء
 
يضاء المكان بإبهار
 
وتمتلئ القاعة
 
بنساء ضاحكات ..
 
حول موائد عامرة
 
يقترب من إحداهن
 
يحكى لها حكاية الطفل المدلل
 
وفجأة يصمت
 
ويبحث فى وجوههن عن أمه
 
فيلم عينيها من واحدة
 
وأنفها من ثانية
 
وفمها من ثالثة ..
 
يكمل الصورة
 
ويقبلها
 
تنهض أمه لتحمله
 
فيتذكر حكاية الطفل المدلل ..
© 2024 - موقع الشعر