ضامن المعروف وقاري الضيوف - الخنساء

أعيني هلا تبكيان على صخر
بدمع حثيث لا بكيء ولا نزر

وتستفرغان الدمع أو تدريانه
على ذي الندى والجود والسيد الغمر

فما لكما عن ذي يمين فابكيا
عليه مع الباكي المسلب من صبر

كأن لم يقل أهلًا لطالب حاجة
وكان بليج الوجه منشرح الصدر

ولم يغد في خيل مجنبة القنا
ليروي أطراف الرد ينيه السمر

فشأن المنايا إذا أصابك ريبها
لتغدو على الفتيان بعدك أو تسري

فمن يضمن المعروف في صلب ماله
ضمانك أو يقري الضيوف كما تقري

ومبثوتة مثل الجراد وزعتها
لها زجل يملا القلوب من الذعر

صبحتهم بالخيل تردي كأنها
جراد زفته ريح نجد إلى البحر

وكائن قرنت الحق من ثوب صفوة
ومن سابح طرف ومن كاعب بكر

وقائلة والنعش قد فات خطوها
لتدركه: يا لهف نفسي على صخر

ألا ثكلت أم الذين مشوا به
إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر

وماذا يواري القبر تحت ترابه
من الخير، يا بؤس الحوادث والدهر

وم الحزم في العزاء والجود والندى
غداة يرى حلف اليسارة والعسر

لقد كان في كل الأمور مهذبا
جليل الأيادي لا ينهته بالزجر

وإن تلقه في الشرب لا تلق فاحشًا
ولا ناكتًا عقد السرائر والصبر

فلا يبعدن قبر تضمن شخصه
وجاد عليه كل واكفة القطر

© 2024 - موقع الشعر