أَيَدري ما أَرابَكَ مَن يُريبُ - أبو الطيب المتنبي

أَيَدري ما أَرابَكَ مَن يُريبُ "
" وَهَل تَرقى إِلى الفَلَكِ الخُطوبُ

وَجِسمُكَ فَوقَ هِمَّةِ كُلِّ داءٍ "
" فَقُربُ أَقَلِّها مِنهُ عَجيبُ

يُجَمِّشُكَ الزَمانُ هَوىً وَحُبًّا "
" وَقَد يُؤذي مِنَ المِقَةِ الحَبيبُ

وَكَيفَ تُعِلُّكَ الدُنيا بِشَيءٍ "
" وَأَنتَ لِعِلَّةِ الدُنيا طَبيبُ

وَكَيفَ تَنوبَكَ الشَكوى بِداءٍ "
" وَأَنتَ المُستَغاثُ لِما يَنوبُ

مَلِلتُ مُقامَ يَومٍ لَيسَ فيهِ "
" طِعانٌ صادِقٌ وَدَمٌ صَبيبُ

وَأَنتَ المَلكُ تُمرِضُهُ الحَشايا "
" لِهِمَّتِهِ وَتَشفيهِ الحُروبُ

وَما بِكَ غَيرُ حُبِّكَ أَن تَراها "
" وَعِثيَرُها لِأَرجُلِها جَنيبُ

مُجَلِّحَةً لَها أَرضُ الأَعادي "
" وَلِلسُمرِ المَناحِرُ وَالجُنوبُ

فَقَرِّطها الأَعِنَّةَ راجِعاتٍ "
" فَإِنَّ بَعيدَ ما طَلَبَت قَريبُ

أَذا داءٌ هَفا بُقراطُ عَنهُ "
" فَلَم يُعرَف لِصاحِبِهِ ضَريبُ

بِسَيفِ الدَولَةِ الوَضّاءِ تُمسي "
" جُفوني تَحتَ شَمسٍ ما تَغيبُ

فَأَغزو مَن غَزا وَبِهِ اقتِداري "
" وَأَرمي مَن رَمى وَبِهِ أُصيبُ

وَلِلحُسّادِ عُذرٌ أَن يَشِحّوا "
" عَلى نَظَري إِلَيهِ وَأَن يَذوبوا

فَإِنّي قَد وَصَلتُ إِلى مَكانٍ "
" عَلَيهِ تَحسُدُ الحَدَقَ القُلوبُ

© 2024 - موقع الشعر