ربيعك للروح كالبلسم - وليد الأعظمي

ربيعك للروح كالبلسم
بهيج الضحى رائق المبسم

يحرك في النفس وجدانها
ويطلقها من إسار الدم

ويبعثها حرة لا تضيق
بكيد العواذل واللوم

ويرفعها من حضيض التراب
إلى الأفق الأرحب الأكرم

ويغمرها بحنان السماء
ويمنحها هيبة المسلم

فتشرق في القلب أنواره
وينبض بالحمد للمنعم

ويمشي سويا على منهج
سليم يؤدي إلى أسلم

ويعبق فيه أريج الهدى
زكيا يطول على الموسم

أرق وأندى من الياسمين
وأبهى جمالا من البرعم

ربيعك يا سيد الكائنات
سناه ينير القلوب العمي

ويروي غليل العطاش الذين
يرون السراب كسيل طمي

نبي الهدى هزني ذكركم
فرحت أعني بشوق ظمي

وأشدوا بفضلك بين الرجال
جهارا نهارا بملء الفم

وأدعو الأنام لمنهاجكم
ومنهاجكم غاية المنغم

وروح السلام لكل الأنام
فلا عربي ولا أعجمي

خلت بدعة الجاهلين الجفاه
وولت مع الباطل المرغم

ومات التفاخر والكبرياء
فكل البرية من آدم

وحل التفاضل بالصالحات
محل التعاظم بالأعظم

فما أبرماالله لم ينتقض
وما نقض الله لم يبرم

فليس سواء نظام وضيع
ونهج من الخالق المنعم

وهل يستوي بشر يدعي
علوما مع الخالق الأعلم

وكيف بربك ترضى بذا
وأنت تحن إلى الأقوم

ألست تخالفها فطرة
فطرت عليها من الأرحم

فحقق لنفسك ما تشتهي
من الطيبات ولا ترتم

بما يتنافى مع المنزلات من الخالق الباريء الأعظم
وحسبي وحسبك ما قد نرى

ونلمس من دائنا المؤلم
نصيح ولا من سميع مجيب

ونصرخ في مهمة مبهم
ويبصر أعدائنا ما بنا

وسر التأخر لم يكتم
وبتنا لهم هدفا واضحا

يجر بنا من يريد الرمي
فيا أيها الكون مني

استمع ويا أذن الدهر عني افهمي
فأني صريح كما تعلمين

حريص على مبدئي القيم
ومهما تعددت الواجهات

فلست إلى وجهة أنتمي
سوى قبلة المصطفى والمقام

لأروي الحشاشة من زمزم
وأشهد من دب فوق الثرى

وتحت السما عزة المسلم
أغار على أمتي أن تتيه

بهوج العواصف في العيلم
أغار على أمتي أن تضل

سبيل النجاة ولم تسلم
أغار على أمتي أن تدوخ

ولم تتمكن من السلم
فتقعد صماء مضرورة

تطربها لغة الأبكم
وتشغلها سفسفات الأمور

عن الفرض والواجب الأقدم
وتدفن آمالها بالضحى

وتمسي وتصبح في مأتم
تقوم وتقعد من همها

وماء المدامع يهمي همي
تناشد أبناءها عروة

من الدين والحق لم تفصم
وترجو لعلاتها مرهما

وليس سوى الدين من مرهم
أخي لا تلن فالألى قدوة

لمثلي ومثلك في المأزم
وكانوا إذا ما ادلهم الزمان

جلوه بعزم فتي سمي
لههم قدرهم باعتبار الرجال

وسمعتهم في ذرى الأنجم
تقدم فأنت الأبي الشجاع

ولا تتهيب ولا تحجم
عليك بهدي الرسول الكريم

ومنهاج قرآنك المحكم
فلا تتنازل ولا تنحرف

ولا تتشاءم ولا تسأم
تقدم فما في حياة الورى

مكان لمستضعف معدم
وجرد بوجه الخصوم اللئام

سلاحك لا عفة المحرم
لتمسح في القدس من أهلها

دموع الارامل واليتم
فليس من الحزم أن تنثني

بيوم الكفاح ولم تقدم
وليس من العزم أن ينطفي

لهيب الفداء ولم يضرم
تحرك فأنت العزيز الكريم

ولو أثر القيد في المعصم
ولا تبتئس من سموم الصلال

ولا تخش من نهشة الأرقم
وخضها كما خاضها

الأقدمون بحارا تموج بقاني الدم
ولا تك من معشر تافه

يقيس السعادة بالدرهم
وينظر للكون من كوة

تطل على عالم مظلم
يعيش وليس له غاية

سوى مشرب وسوى مطعم
© 2024 - موقع الشعر