المبَشَّرون بالحزن - حسن إبراهيم الحسن

إلى أولئكَ الذينَ عاهدتهم بأنني :
 
( سأصلُ إلى النهرِ يوماً ... و أغسلُ من وسخِ الأيامِ حذائي )
 
( 1 )
 
و أُنيخُ شعري للذينَ خذلتهم
 
و أخصُّ أُنثايَ التي
 
خفضتْ جناحَ القلبِ لي
 
فَعَرجتُ من وجعِ الترابِ
 
كأنَّني حلمٌ شَفيفُ
 
و أكادُ ألمحُ في الهواجِسِ من يطوفُ
 
( أمّي )
 
* * * *
 
( 2 )
 
و إلى اللواتي كنتُ ثامنَهنَّ ننتَظِرُ الولادةَ ،
 
كلَّما نشبَ العراكُ على البيادِرِ قُلْنَ لي :
 
لا بدَّ تاسعنا سيأتي كي يقاسمكَ انكساركَ
 
يا وحيدُ
 
و ها كبرنا ،
 
لم أزل وحدي المتوَّجَ بانكساري
 
ليسَ لي إلا نشيدي حينَ تَشخَصُ أعينُ الأصحابِ حولي كالضواري
 
ثمَّ يختَتِمُ العراكَ على الحصى دَميَ النَزُوفُ
 
و أكادُ ألمحُ في الهواجِسِ من يطوفُ
 
( أخواتي )
 
* * * *
 
( 3 )
 
و إليَّ ...
 
مكتظَّاً ضياعَ السابقينَ /
 
اللاحقينَ
 
كما اشتهتني بعدها ؛
 
قلبي على مرمى المنافي محضُ حلمٍ لا يُفَسَّرُ /
 
نصفُ بابٍ
 
ملَّهُ النصفُ الرديفُ
 
و أكادُ ألمحُ في الهواجِسِ من يطوفُ
 
( أنا )
 
* * * *
 
( 4 )
 
و إلى رِفاقِ الملحِ يخطفهم غداً
 
من أضلعي
 
غدرٌ أليفُ
 
و إلى الطفولةِ حينَ قالوا :
 
ماتَ جدُّكَ ،
 
قلتُ : كيفَ ولم يُوَدِّعني ؟
 
انتظرتُ رجوعهُ عاماً
 
ليُكملَ قصَّةَ ( المصباحِ و الكهفِ القديمِ )
 
و قالَ : يأخذني إلى التلِّ البعيدِ
 
أمَسُّ قطنَ الغيمِ عن كثبٍ /
 
سيُخبرني الحقيقةَ كيفَ تنجبنا النساءُ ،
 
فَكَكْتُ أحجيةَ المساءِ و لم يَعُدْ
 
لا .. لم يَعُدْ
 
وكأنَّما عمرُ الذينَ أحبُّهم
 
بالكادِ إيقاعٌ خفيفُ
 
و يظلُّ يخفتُ ،
 
ثمَّ يخفتُ
 
ثمَّ يدهمني ضياعي
 
حينَ يذوي في صهيلِ الريحِ
 
مصباحي الكفيفُ
 
وأكادُ ألمحُ في الهواجِسِ من يطوفُ
 
( رفاق الملح )
 
* * * *
 
( 5 )
 
و إلى التي نَصَبَتْ كمائِنَ ذكرياتي ،
 
كُلَّما ضاقتْ بلادٌ في نشيدي المرِّ
 
و انطَفأ المدى
 
و كبوتُ في عتَماتِ نفسي
 
راشقتني بالندى
 
فاخضرَّ في الأفقِ المحاصرِ
 
فوقَ هاويتي رَصيفُ
 
و أكادُ ألمحُ في الهواجِسِ من يطوفُ
 
( حلب .. )
 
* * * *
 
( 6 )
 
إلى الذي كالرايةِ البيضاءِ يجثو منهكاً
 
على رصيفِ العمرِ في أوجِ الزوالِ .
 
يَعُبُّ عمراً ما تبقَّتْ شهقةٌ
 
منهُ و أخرى في ( لُفافاتِ ) السعالِ .
 
أُحسُّهُ ينسلُّ منّي همسةً
 
بالكادِ مرَّتْ في صداها /
 
برعماً في ذروةِ اليخضورِ أرداهُ الخريفُ
 
( أبي )
 
...... و لا أضيفُ
 
* * * *
 
( 6 ) تفعيلة هذا المقطع من الرجز أما باقي القصيدة من الكامل
© 2024 - موقع الشعر