الوطنُ السّعيد

لـ إبراهيم طيار، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

الوطنُ السّعيد - إبراهيم طيار

اليومُ عيدْ
 
وعليَّ أن أبدو سعيداً..
 
مثل كلِّ النّاسِ في الوطنِ السّعيدْ
 
وعليَّ كالشّعراءِ في الوطنِ السّعيدْ
 
أنْ أنفخَ الكلماتِ بالسّيلكونِ..
 
أن أطلي أظافرها..
 
وأصبغَ شعرها..
 
وأبيعها مثل الدّمى البلهاءِ..
 
للجّمهورِ في الوطنِ السّعيدْ
 
.
 
يا أيّها العربيُّ في الوطنِ السّعيدْ
 
ماذا تريدْ..؟
 
أطلب..
 
تمنّى ما تريدْ
 
أولستُ عفريتَ الكلامِ أنا..
 
وجنّي القصيدْ..؟
 
قلمي عصاً للسّحرِ..
 
إنْ حرّكتها..
 
نثرتْ على كفيَّ آلافَ الأماني والوعودْ
 
حبري كماءِ البحرِ..
 
إن ألقيتُ فيهِ أصابعي مثلَ الشّباكِ..
 
اصطدتُ آلافَ الأماني والوعودْ
 
.
 
أنا ماردُ المصباحِ..
 
قُل:يا ماردَ المصباحِ..
 
أظهرُ مثل شيفِ المطبخِ الشّرقيِ..
 
أحملُ في يدي..
 
قلماً..
 
وملعقةً..
 
وقائمةَ من الأحلامِ..
 
فاخترْ ما تريدْ
 
يا أيّها العربيّ في الوطنِ السّعيدْ
 
.
 
في جعبتي..
 
وطنٌ - قياسُ اثنينِ -..
 
منظومٌ على البحرِ المَديدْ
 
لا قهرَ فيهِ..
 
ولا بكاءَ..
 
ولا دماءَ..
 
ولا حروبَ..
 
ولا سجونَ..
 
ولا قيودْ
 
.
 
السّعدُ فيهِ يسيلُ كالأنهارِ..
 
والأفراحُ تنبتُ كالحشائشِ والورودْ
 
آهٍ كم اشتقنا إلى الفوضى..
 
وقصفِ الطّائراتِ هنا..
 
وأحذيةِ الجّنودْ
 
.
 
وكرامةُ الإنسانِ فيهِ" رخيصةٌ"..
 
مثلَ التّرابِ..
 
الكلُّ أسيادٌ هنا..!!
 
آهٍ كم اشتقنا إلى زمنِ العبيدْ
 
.
 
الصّمتُ فيهِ..
 
مُحنّطٌ في المتحفِ الوطني كالمومياءِ..
 
والنّسيانُ..
 
محفوظٌ كجثّةِ دينصورٍ في الجّليدْ
 
أوجاعنا انقرضتْ..
 
فلا حزنٌ يعشّشُ كالعناكبِ في مآقينا..
 
ولا ألمٌّ هنا..
 
يفري الرّقابَ من الوريدِ إلى الوريدْ
 
آهٍ..
 
كم اشتقنا إلى " الماضي المجيدْ "!!
 
.
 
في جعبتي..
 
قمرٌ يناسبُ كلَّ أنواعِ الليالي..
 
إنْ أردتَ..
 
جعلتهُ قمرينِ..
 
علّقْ واحداً فوقَ العراقِ..
 
ليلعبَ الأولادُ تحتَ ضياءهِ..
 
فاليومُ عيدْ
 
وخُذِ الأخيرَ إلى فلسطينَ الحبيبةِ..
 
كي نعودْ
 
.
 
في جعبتي..
 
نصرٌ على البحرِ الطّويلِِ..
 
مُرصّعٌ بجميعِ حالاتِ المُجرِّدِ والمَزيدْ
 
وبسينِ "سوفَ"..
 
تصولُ كالسّيفِ المُثلمِ في الهواءِ..
 
فلا تَفلُّ سوى الهواءَ..
 
و كافِ "كانَ"..
 
بنكهةِ الكولا..
 
نُعاقرها على قبرِ الرّشيدْ
 
.
 
في جعبتي..
 
علمٌ يُرفرفُ في المحيطِ وفي الخليجِ..
 
وأطلسٌ لخريطةِ الوطنِ الكبيرِ..
 
بلا حدودْ
 
هلْ يقدرُ الإنسانُ أنْ يحيا هنا..
 
مثلَ الثّعالبِ والقنافذِ والكلابِ..
 
بلا حدودْ
 
هلْ يقدرُ الإنسانُ أنْ يحيا..
 
بلا كفنٍ ومشنقةٍ..
 
وخازوقٍ يّدقُّ على السّجيّةِ..
 
مثلَ أخبارِ الصّباحِ..
 
ومثل أوراقِ البياناتِ..
 
التي في كلِّ عدوانٍ جديدْ
 
تنعي الذين قضوا..
 
وتدعو من سيقضي في المساءِ إلى الصّمودْ
 
.
 
آهٍ كم اشتقنا إلى أيّامِ "إسرائيلَ"..
 
كانتْ حينها..
 
نصفُ العواصمِ من مساحاتِ المشاعِ..
 
ونصفُها من ضمنِ أملاكِ اليهودْ
 
كانتْ - بلادُ العُربِ أوطاني -..
 
جحيماً..
 
كلّما امتلأتْ..
 
تنادي ربّها:" هل من مزيدْ "
 
.
 
كانتْ بنادقنا مُصادرةٌ..
 
وكلُّ مُقاومٍ بالسّيفِ أو بالحرفِ..
 
زنديقٌ..
 
وشيطانٌ مَريدْ
 
كانتْ قصائدنا إذا نطقتْ..
 
تُذوّبُ في الأسيدْ
 
وأصابعُ الشّعراءِ إنْ رُفعتْ..
 
تُذوّبُ في الأسيدْ
 
وأكفُّ أطفالِ الحجارةِ..
 
إن تقيّأتِ الحِجارةَ..
 
فوقَ واقعنا البليدْ
 
كانتْ تُذّوبُ في الأسيدْ
 
حتّى الذي يبكي على الأطلالِ..
 
تُفقأُ عينهُ حدّاً..
 
لأنَّ الحُزنَ مثل الكُفرِ..
 
في الوطنِ السّعيدْ
 
.
 
يا ظلّيَ المَسحولَ مثليَ فوقَ أوراقِ القصيدةِ..
 
يا دماً يجري على كفّيَ..
 
يا جسداً تُسجّيهِ القصيدةُ تحتَ جفني..
 
كالشّهيدْ
 
يا بؤبؤاً متحجراً..
 
مِن شدّةِ الأحزانِ في الوطنِ السّعيدْ
 
يا خثرةَ الدّمِ في جبينِ صبيّةٍ..
 
خرجتْ صباحَ العيدِ..
 
تبحثُ في محطّاتِ المدينةِ عن وقودْ
 
يا وجهَ معتقلٍ..
 
يحدّقُ في جدارِ السّجنِ..
 
يا أمّاً تحدّقُ في جدارِ البيتِ..
 
يا طفلاً يحدّقُ في البعيدْ
 
ويقولُ :يا أبتاهُ قدْ طالَ الغيابُ..
 
متى تعودْ..؟
 
.
 
يا أيّها العربيُّ..
 
في الوطنِ السّعيدْ
 
ماذا تُريدْ..؟
 
هل بعدَ هذا القهرِ تجهلُ ما تُريدْ..؟
 
في جعبتي..
 
جسدُ القضّيةِ..
 
والسّكاكينُ التي طَعنتْ..
 
وأسماءُ الذينَ تورطوا في قتلها عندي..
 
وأسماءُ الشّهودْ
 
فاسألْ جراحكَ حينَ تنزفُ فجأةَ..
 
من دونِ أنْ تدري بها..
 
ماذا تُريدْ..؟
 
لابدُّ في كلِّ الجَّرائمِ من عدوٍّ مُستفيدْ
 
أو من " صديقٍ " مُستفيدْ
 
يا أيّها العربيُّ في الوطنِ السّعيدْ
© 2024 - موقع الشعر