الطابور...

لـ إبراهيم طيار، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

الطابور... - إبراهيم طيار

العينُ لا تقاومُ المخرز..
 
والذراعُ لا تقاومُ السّاطورْ
 
والحجرُ الصّغيرْ
 
لا يفعلُ الكثيرْ
 
أمام بندقيّةٍ..
 
يحملها مخنّثٌ حقيرْ
 
.
 
إذاً..
 
فإنَّ حربنا خاسرةٌ مقدّماً..
 
وموتنا مقدورْ
 
ودورنا مقرّرٌ..
 
في رقعةٍ كبيرةٍ...
 
بحجمِ هذا الوطنِ الكبيرْ
 
بيادقٌ..
 
تصطفُّ في الطّابورْ
 
تموتُ في الطّابورْ
 
تُدفنُ في الطّابورْ
 
تقبّلُ النعلَ الذي يدهسُها..
 
ببالغِ السّرورْ
 
وتعلفُ الصّبرَ الذي يُعطى لها..
 
ببالغِ السّرورْ
 
.
 
أهلا بكمْ يا أيّها القُرّاءُ..
 
في الطّابورْ
 
أنتمْ هنا "الكومبارسُ"..
 
والأبطالُ..؟
 
لا أبطالَ أو بطولةً..
 
في كلِّ "مسرحيّةِ الطّابورْ"
 
.
 
من فضلكمْ..
 
لا تُحدثوا الفوضى هنا..
 
وحافظوا على نظامِ الموتِ في الطّابورْ
 
تقدّموا إلى الأمامِ خطوةً..
 
تراجعوا إلى الوراءِ خطوةً..
 
أجل..هنا..
 
ابتسموا..
 
وليبدأ التّصويرْ
 
.
 
"المشهدُ الأوّلُ"..
 
-صوتُ طلْقةٍ في الرّأسِ-..
 
ماتَ بيدقٌ..
 
لم يكترثْ لموتهِ الجّمهورْ
 
وظلّتِ البيادقُ الأخرى بلا ردودِ أفعالٍ..
 
ولا شعورْ
 
.
 
"المشهدُ الثّاني"..
 
هوتْ قنبلةٌ..
 
فماتَ ألفُ بيدقٍ..
 
وعندها..
 
تغيّرتْ قواعدُ اللعبةِ من أساسها..
 
واكترثَ الجّمهورْ
 
فشجبوا كعادةِ الجمهورْ
 
واستنكروا كعادةِ الجمهورْ
 
وقاطعوا لساعةٍ واحدةٍ..
 
- تضامناً مع الّذينَ قُتلوا-..
 
زجاجةَ البيبسيّ..
 
في "تحوّلٍ خطيرْ"
 
وشيّعَ البيادقُ الناجونَ قتلاهم..
 
إلى القبورْ
 
.
 
"المشهدُ الثالثُ"..
 
ألفُ قطعةٍ بحريّةٍ..
 
تُحاصرُ المحيطَ والخليجَ..
 
والمارينزُ ينزلونَ في بيروتَ..
 
يهبطونَ في بغدادَ..
 
يطلعونَ مثل الجّانِّ..
 
في دمشقَ..
 
في صنعاءَ..
 
يخرجونَ من شاشاتنا..
 
ونحنُ في شاشاتنا..
 
بيادقٌ..
 
تبحثُ في الصّحراءِ..
 
عن عمامةِ المنصورْ
 
تبحثُ عن جوادهِ..
 
و سيفهِ المكسورْ
 
تبحثُ في رفوفِ مكتباتها..
 
عن بطلٍ أخيرْ
 
ينقذُ ما يمكنُ أنْ يُنقذَ..
 
قبلَ المشهدِ الأخيرْ
 
.
 
تبحثُ عن كرامةٍ..
 
سريعةِ التحضيرْ
 
وعزةٍ سريعةِ التحضيرْ
 
و"أمةٍ عظيمةٍ"...
 
سريعةِ التحضيرِْ
 
تبحثُ عن طفلٍ..
 
وعن " مقليعةٍ " وحجرٍ صغيرْ
 
يواجهُ العدوّ..
 
قبلَ المشهدِ الأخيرْ
 
.
 
"المشهدُ الأخيرُ"...
 
طارَ المسرحُ الكبيرْ
 
والوطنُ الكبيرْ
 
وطارتِ الصّالةُ..
 
والمقاعدُ الجّلديةُ السّوداءُ..
 
والجّمهورْ
 
شكراً لكم يا سادتي...
 
لنوقفِ التّصويرْ
 
.
 
" قراءةٌ نقديّةٌ "
 
لا تعجبوا يا أيّها القُرّاءُ..
 
إنَّ منطقَ الأمورْ
 
يقولُ أنَّ هذهِ نهايةٌ مقبولةٌ..
 
في عرضِ مسرحيّةِ الطّابورْ
 
وبالحسابِ..
 
أمّةٌ تلبسُ جلدَ أرنبٍ..
 
لا بدَّ أن تنهشها الصّقورْ
 
وبالحسابِ..
 
إنَّ الصمتَ ليسَ كالزّئيرْ
 
والخوفُ..
 
قد يحوّلُ النّسرَ إلى عصفورْ
 
والذّلُ..
 
قد يحوّلُ الخيلَ إلى حميرْ
 
.
 
وبالحسابِ..
 
أمّة المنصوبِ والمفتوحِ..
 
والمرفوعِ والمجرورْ
 
والساكنِ المقهورْ
 
والشّعرُ والعَروضِ والبحورْ
 
والغزلِ العفيفِ والماجنِ..
 
والمديحِ والهجاءِ..
 
والتطبيلِ والتزميرْ
 
والعودِ والبخورْ
 
ليسَ لها أصلٌ ولا جذورْ
 
ليس لها وزنٌ ولا حضورْ
 
في المشهدِ الأوّلِ..
 
أو في المشهدِ الأخيرْ
© 2024 - موقع الشعر