لنـا حجـرٌ ودون الموت صـدرٌ - مصطفى بن عبدالرحمن الشليح

أتيتُ إليك أسألني كلاما
وقدْ راحَ الحمامُ .. فلا كلاما

ولا عتبى ندانيها فتنأى
حميَّا منْ قصيدٍ .. أوْ غماما

ولا ريّا من الغرِّ القوافي
تدانينا لتنسبكَ انتظاما

ولا معْنى يسيرُ بنا عيونًا
من الخطراتِ تأتلق انسجاما

ولا رؤيا تساورُنا فنرنو
إلى الصبواتِ تأخذنا احتداما

فلا عبقٌ يعود بنا إلينا
ولا أرقٌ ينازلنا مراما

ولامسْرى من التاريخ يغشى
عبارتنا إذا انهارتْ رخاما

يغيمُ الماءُ في درْج الليالي
حكاياتٍ وأوهامًا عظاما

وما شئنا وشاءَ لنا سميرٌ
روى ما كانَ فتحًا للندامى

وكلٌّ في عباءته انتظارٌ
يغيمُ الماءُ في يدِه أواما

إذا الإقواءُ دثره بسعي
تلفتَ شبْه قول ما استقاما

وكادَ اللغوُ يُبدعه ركامًا
إذا التاريخ يُبدعه ركاما

وإمّا الريح تذروه انحناءً كأنَّ
الصَّدرَ ما اهتزَّ احتداما

كأنَّ الصَّخرَ ما كانَ اختيارًا
وما كانَ التحيَّة والسلاما

وما كانَ ابتسامة كلِّ طفل
إذا سألوا يدًا كانَ ابتساما

وسدَّدَ روحَه قمرًا مُضيئًا
وليلُ العرْبِ مُنكدرٌ ظلاما

وليلُ العربِ .. أهٍ يا سؤالا
يفتُّ الذاتَ .. ذاكرة وهاما

ويا سيَرًا ألوذ بها احتمالا
لأنقعَ غلة وأرى أماما

أشد بها خطايَ وأجتليني بليْل
العرْبِ لا أشكو انخراما

ولا أشكوالعقودَ وإنْ تهاوتْ
نثيرًا أوْ تشرذمتِ انفصاما

إذا ما أذكرُ الحجرَ انتظامًا
وطفلَ البدْء واليد والمراما

ومولدَنا إذا البدءُ انتفاضٌ
فمنْ دمِنا ترى البدْءَ اهتزاما

ومنْ دمِنا البلاد قدِ استضاءتْ
ونورُ الله يُبدعنا حساما

كأنَّا والحكاياتِ اللواتي
عميد الحيِّ يَرتقبُ الخياما

ويَكتبُ ما قصائده توفيِّ
إذا ما الصَّدْرُ أرسلها حماما

هنا .. وهناكَ أذكرُني
وليْلا بنابغه أقامَ وما أقاما

كأني والقصيدة مهرجانٌ
ولا صوتَ ابتداءً واختتاما

كأنَّ الدربَ مُنتشرٌ شظايا
أوَانَّ العمْرَ مُنحسرٌ حطاما

أهذا شمع عروتنا عزاءٌ
أكانَ الموتَ أمْ دمعًا ترامى ؟

علىالطرقاتِ يُمسكُ بي حييًا
كأنَّ به من العبث التطاما

ويهمسُ لي ونحن معًا عراء ٌ:
لعلكَ نازعٌ عنيِّ قتاما

لعلَّ قناعَنا، أبدًا، مقيمٌ
بوادي الخوف ِ يَمتلك الزماما

لعله راحنا وغبوق حكي وسيرة
مقعدٍ يسري انهزاما

لعله ذاتنا .. نحن انكسارٌ
على شفةِ العلى يذوي مقاما

ونحن نبتُ العوالي منْ زمان
سَريّا كان منتضيًا حساما

إذا سُلَّ الحسامُ فبالمواضي
من العزماتِ أذكرُه حساما

وإنْ سكتَ القتامُ فبالقواضي
من الكلمات أذكرُه حساما

أضاعَ الخفُّ واسْودَّتْ وجوهٌ
وعفرَهاالذي اربدَّ اكتظاما

أما البيْداءُ مُمتقعٌ ثراها
فلا وتد أقامَ وما اقاما

ولا عَمد يُطوقنا رحيلٌ هنا
وهناكَ..هلْ نعلي الخياما ؟

وكيفَ ونجعة التاريخ تلهو
ونحن نكوِّمُ الزمنَ اختراما

ونحن إذا سُئلنا عنْ مرام
تركنا الخفَّ يلبسُنا مَراما

تركنا الجمرة الرَّعناءَ
تخلو بخيمتِنا وقدْ نضَّتْ ضراما

ومالتْ حيثُ تلتقمُ النواصي
وموج النار مُنهمرٌ دواما

وملنا نجعة ً إلا عمود
تقلدَه فتى ضمَّ الحطاما

ولملمَ ذاتنا حجرًا عنيدًا
وتاريخًا ومئذنة وهاما

وصوّبَ جرحَنا في منجنيق
فكنا الماءَ والنار احتداما

فباسم الله والفتح انجلاءٌ يرد
عن الهدى رجسًا حراما

وباسم الله والأرواح جند
أتى ولد .. فجمَّعنا دعاما

أتى ولد كتابًا مدْرسيًا
فراشًا سوفَ يرسُمه كلاما

يقولُ لأمِّه: كيفَ ارتسامي
فراشًا طيَّ عيْنيكِ استناما

وحَلقَ منكِ يُلبسُني مداه
ندِيَّ الوردِ مُبتسمًا دواما

فأحضن منه نايًا في حنيني
كقريتِنا يُبادلني السلاما

وأسْكِنه سؤالاتِ البراريليسْكنَني عرارًا أو بشاما
وأمهره نداءاتِ انتمائي

وأشهره، على الدنيا، غلاما
وأدخله احتمالاتِ المعاني

حيالَ حديقتي تأتي انبهاما
فهلْ يا أمَّتا نايُ القوافي

بمُسعفِنا لكيْ نلغو كلاما
ونغلو في انقداحتِنا نشيدًا

إذا ما شبَّ ينجرح التزاما
ونعلو نحن نعلو منذ كنا

وما كنا سوى العزِّ اضطراما؟
لنا حجرٌ ودونَ الموتِ صدرٌ

إذا النيران ولولتِ احتداما
فمحفظتي مجنٌّ. هاكَ قوسًا أقده منْ صبايَ فلا سجاما

وهاتِ دفاتري أبري دروسًا
لتصبحَ عندَ موقعةٍ سهاما

وهاتِ طفولتي خذني ذراعًا
وصَوِّبْكَ انتفاضًا واحتماما

لنا سفرٌ أتى منا إلينا
وما ترك الغطارفة النشامى

فهلْ يا أمتا تأتي استباقا
دموع العين إنْ سرتُ اقتحاما؟

أنا منْ يعْربٍ نرد المنايا
وضيئي الثغر نأبى أنْ نضاما

أتيتُ أبي أرى الشهداءَ
نورًا ومنْ جذل رأيتهمُ حماما

قدِ اخضرَّ الفضاءُ فلا سواد
إذا ابيضَّ الكلامُ فلا كلاما

أتيتُ الدارَ والبغيُ انحدارٌ
أتيتُ أبي أعانقه فقاما

وضمَّ الآهَ وابتدرتْ شؤونٌ
وصَهيونٌ بمااقترفتْ حراما

وما اجترمتْ وللأوفاقِ وعْد
ودعمٌ وادِّعاءٌ قدْ ترامى

كأنَّ بها، من البدْء، انهزامًا
إذا ولد يَسُلُّ بها حساما

مُحَمَّده سَميُّ النور بدرٌ
يُجلي ما بمرحلةٍ استداما

فهلْ يا درَّة الشهَداء نأتي
طفولة ما يرُج بنا الطغاما ؟

سلمتَ ودمتَ للرقراق معنى
إذا ما شاعرٌ.. أبقى كلاما

© 2024 - موقع الشعر