حاشية لثوب الحداد - محمود محمد الشلبي

ماتت أختي بين رنين الساعة والمحراب.
 
ماتت بين شهيق الريح،
 
وطعم الشيح،
 
وصمت الترحاب.
 
ماتت والحسرة في دمها...
 
والكبد الحرى...
 
ما فتئت تتليف خيطاً خيطاً...
 
وتشمعها الأعصاب.
 
ماتت.. وهي تهاتف صحوتها...
 
عبر خطوط الوجع اللهاب.
 
كانت محنتها أوسع من لون الصفرة في عينيها
 
الطافيتين ببحر سراب.
 
والجسد المتداعي للموت...
 
تعلق كالجذع اليابس...
 
في الموج الصخاب...
 
ما خامرها اليأس...فواعجباً...!!
 
كيف يكف القلب عن الخفقان...
 
ولا يرتاب.
 
كانت تعلم أن الهوة،
 
بين الصدر.. وبين القبر..
 
تضيق..تضيق..
 
وأن الورق الذابل...
 
يسقط...يسقط..
 
بين سرير الرهبة... والباب.
 
***
 
قد جف الزيت من المصباح الآن...
 
وناست في الدرب ذبالته..
 
فانطفأ المصباح على مهل...
 
وانكمش الظل...
 
فصدقه الناعون...
 
وحانت ساعته..
 
هذا الصمت ثقيل...
 
يسعفه الموت التدريجي،
 
ويدعوه القدر الحتمي...
 
إذا طالت غيبته...
 
من شاهدها... وهي تراجع أطراف العمر..
 
بكى..!!
 
واشتدت كربته..
 
***
 
هي ذي تخرج من عبء الوقت،
 
وتدخل قرص التخدير،
 
وتخلد للترحال.
 
لا تحمل غير الكفن الناصع،
 
والدمعة،
 
والخمسين خريفاً في البال..
 
وبقايا جسد نهبته الأوصاب،
 
فصار كعود خلال.
 
ودعها الغياب المكتملون تماما...
 
وبكتها الطيبةُ...
 
والشجر الأخضر...
 
والأنجال.
© 2024 - موقع الشعر