قصائد - محمود محمد الشلبي

(1)
 
فاتحة للغناء
 
ها أنت تمر بذاكرتي الآن.
 
مثل صباح ترفعه الأرض،
 
إلى أفق... من حجر الصوان.
 
مثل غريب أسلمه الموج.
 
إلى شباك البحر،
 
المفتوح على حقل الأحزان
 
محكمة كفك في جسد الريح،
 
وفي لحم القضبان.
 
منذور للوطن الأسمى...
 
ولدالية تنبت في رحم الصخر،
 
لجرح عوّقه القيد الأرضي...
 
عن الطيران.
 
 
 
(2)
 
صديق
 
حين قلت انتهى...
 
كان ينثر أوراقه في انشطار السنين.
 
كان يستلف الحبر من دمه،
 
من تجاعيد رحلته،
 
من بحار الأنين.
 
غير أن الفتى ما انتهى...
 
كان يبدأ من أول الجرح،
 
من آخر الجرح،
 
من دمعة لا تلين.
 
هو الآن في عشبة البحر،
 
أو ريشة الطير،
 
في كلمة مارست عشقها...
 
في اشتعال الحنين.
 
 
 
(3)
 
وجه
 
قمر غارق في هديل الغمام.
 
والرياح انتشت من دمي،
 
واحتمت في رصاص الكلام.
 
والمدى خيمة القلب،
 
والندى في عروق الظلام.
 
ليت لي وجهك الآن،
 
يا صخرة الشومر الجبلي،
 
ويا راية في الزحام،
 
قمر غارق في هديل الغمام
 
والسويعات مثقلة بالنسيم الطري،
 
ووجهك في شرفة البيت،
 
زيتونة لا تنام.
 
ليت لي وجهك الآن،
 
يا سيد النار،
 
والدار،
 
فاترك لأقدامنا خطوة في الأمام.
 
هل نسميك غيث السماوات؟!
 
أم نترك الحرب،
 
تدعوك مسك الختام؟!
 
 
 
(4)
 
حالة
 
كان يسمي خطوته الأولى...
 
مروحة الوقت
 
ويسمي لغة الأطفال الأولى
 
قاموس البيت
 
ويغيب بأغنية،
 
ويعود بموسم نبت.
 
وإذا صلى...
 
أهدى دمه للغيث،
 
لعشب الأرض،
 
يقول: لغيرك ما جئت...
 
حين استبصر في اليقظة أوطانا...
 
تتبوأ مقعدها...
 
في بقعة زيت.
 
وتهيم بغانية،
 
ويهدهدها الصمت
 
صاح بأعلى صوت:
 
من شاهد ما شاهدت؟!
 
لم يسمع غير شهيق الوقت.
 
بل صادر سيف الغربة عينيه،
 
وادركه الموت.
© 2024 - موقع الشعر