خف القطين .. - محمود محمد الشلبي

خف القطين فحار القوم وأفترقوا
 
فقلت للشعر : هل في دفتري ورق ؟!
 
وكيف تهدأ في الأجسام جارحة
 
والروح في موقد الأيام تحترق
 
نار الهوى في لهيب الشعر موطنها
 
ونار حرقتنا في القلب تنطلق
 
وتلك روح عرار في معارجها
 
تخضر في كرمة الدنيا وتنبثق
 
فالربع يا شاعري شالت نعامتهم
 
والصحب في دمع شوقي يا أخي غرقوا
 
والناس كالكاس ما عادت مودتهم
 
على الوفي ينفع ، بل هي الملق
 
الكل هام بألقاب ، وأوسمة
 
والكل في خيبة الأوطان متفق
 
والشاعر الإربدي اللون ضرجنا
 
بالأرجوان ، فهل كنا به نثق ؟!
 
تلك الخرابيش لم تعرف أخاطرب
 
من بعد فقدك إنساناً به رمق
 
وأقفر القلب من عشب الوفاء فلا
 
ماء براحوب ، لابرق .. ولا غسق
 
قرب إليك النوى فالبعد أرقنا
 
والوجد أحرقنا ، حتى ذوى الشفق
 
فأنت والزمن للآتي وبهجتنا
 
نار القصيدة تذكينا ، فننعتق
 
أين الندامى ؟! وأين الكوخ قد عصفت
 
به الرياح ، وباقي الصحب قد شرقوا
 
بحبر ذكراك خطوا أسطر ومضوا
 
صوب الغمام ، فدعهم والذي عشقوا
 
خمسون عاماً وهذا الشعر أغنية
 
يشدو بها القلب ، والدنيا لها أفق
 
( عمان ) يا مصطفى سمتك شاعرها
 
وحبها في صميم القلب معتنق
 
ورهط ( شيلوخ ) ، ما زالوا كعادتهم
 
ما بلطوا البحر ، بل يا صاحبي ( أنفلقوا )
 
أما ( الطفارى ) فراحوا يعزفون على
 
ربابة ( الهبر ) ، ما هانوا وما زهقوا
 
فحقهم في ضمير الناس مأثرة
 
ببعض عزوتهم ، لابد قد لحقوا
 
ياليتنا يا عرار اليوم تجمعنا
 
عشية في ربوع الغور أو طرق
 
" يامي شبنا وما تبنا " لقد خطرت
 
لنا ( بوادي الشتا ) ذكراك تستبق
 
تعال يا مصطفى عرج على وطن
 
يئن من ضيعة المسعى ، وينخنق
 
ديار قومك هرت في مرابعها
 
كلاب قوم ، وبوم في الحمى نعق
 
طال الشقاء ، وهذا الظلم ( مرمرهم )
 
ولم يعد في جناح البال منطلق
 
( تعركست ) في دروب العمر سيرتهم
فمال بعض على بعض ، وما اتفقوا
 
تبوأوا مقعداً في قعر مظلمة
 
قرارها سامق أزرى به القلق
 
بين النهيق وتصهال الجياد مدى
 
وبين شعر الخنا و ( الكيف ) مفترق
 
في بيتك اليوم جاء الشعر منتصراً
 
على الهزيمة لايثنيه من سرقوا ...
 
نعومة البال ، أو حلم الطفولة في
 
نبض القصيدة ، في الرؤيا التي اعتنقوا
 
في تل ( أربد ) يأتي سربهم غرداً
 
كأنهم في حفاف الغيم قد برقوا
 
تلون الحلم ، وأنداحت دوائره
 
وأمرع الحرف ، أنشدت له الحدق
 
هم أصدقاء عرار هم أحبته
 
وهم بنوه ، وهم بالشعر قد رزقوا
 
هذا رسيس الجوى ، هذي نسائمه
 
هذي منازله ، تعلو وتأتلق
 
هذا ضريحك باد في مهابته
 
كأنه قارب ما طاله غرق
 
يمضي يبحر الندى ، والعمر منكسر
 
والقلب منفطر في نبضه أرق
 
قد ضم أحلامك العظمى وبيرقها
وصار سيفك للباغين يمتشق
 
عرار يا شاعر الأردن طبت ثرى
 
وزان قامتك الدحنون والحبق
 
لم تغض يوماً على ضيم ومهزلة
 
بل ظل صوتك في الدنيا له ألق .
© 2024 - موقع الشعر