قصائد من مهرجان الدم - محمود محمد الشلبي

(1)
 
( الزلزلة )
 
 
كانوا على صدر المخيم ,
 
يكبرون مع الثواني .
 
فتحوا نوافذهم لقرص الشمس ,
 
والأبواب للمطر المسافر ... في الأماني .
 
البحر يأخذهم الى موج الحقيقة ,
 
والسفائن تصطفيهم ....
 
للرحيل عن المكان .
 
هذي الشوارع زلزلت زلزالها ,
 
والأرض ألهبها الرصاص ,
 
و أخرجت أثقالها .
 
دمهم على كف الشهادة ... لا ينام .
 
بيروت تبحث عن أساميهم ...
 
وتكتبها ...
 
على جسد الغمام .
 
للحزن في لبنان أشجار ...
 
تزهر في مآقيهم ..
 
ويخذلها السلام .
 
والظلم يسرق من رغيف الحر , لقمته ...
 
ويستفتي الظلام .
 
 
 
 
 
 
 
(2)
 
( ما قاله الراوي )
 
 
 
يحكى أن سماء ,
 
فوق مدينة بيروت ... انشقت .
 
واحتد أديم الأرض ,
 
على مذبحة كبرى .
 
والطرقات انسدت .
 
والقتلى , لبسوا ذات مساء دمهم .
 
والقاتل أفلت .
 
والأقمار على طرفي الشارع ,
 
في " صبرا و شاتيلا "
 
انشطرت ,
 
والنخوة نامت باستغراق ..
 
طي رمال الصحرا....
 
والخيل انتحرت .
 
 
 
قال الراوي :
 
إن الجاني أشقى من كل ضحاياه .
 
والقاتل يعرف حد جريمته ,
 
والشاهد تاه .
 
والعربي الغارق في الصمت ,
 
وفي النسيان ,
 
يلملم خيبته ,
 
ويهيئ منفاه .
 
 
 
(3)
 
( على هامش المذبحة )
 
 
 
من سقطوا في " صبرا و شاتيلا " ..
 
حملتهم أنداء الفجر الى دنيا الملكوت
 
هتفوا قبل فراق الروح ,
 
بصوت مبحوح :
 
هذا زمن فيه الناس سكوت .
 
والقاتل يمشي في نعش المقتول ,
 
( وسبحته ) من ياقوت .
 
الغيم المحزون ترجل ذات مساء ,
 
في بيروت .
 
فأنهدمت أكواخ الفقراء ,
 
وبحت أصوات الشعراء ,
 
احترقت بيروت ,
 
وما عادت بيروت !
 
نادت من آخر حلم ,
 
لم يسمعها " المعتصمون " !!
 
لم يسمعها البحر , ولا النخل ... ولا الخيل ,
 
وضاعت صرختها ...
 
في وادي الطاغوت .
 
هذي مذبحة في وطن ...
 
يتقاسمه هاروت وماروت .
 
دمنا يصعد شرفته ..
 
ويشكل في الأرض هويته ,
 
والحاصل ...
 
ما من حق في قاموس الشعب يموت .
 
 
 
(4)
 
( الرحيل )
 
 
 
بكى صاحبي ساعة ...
 
وانثنى للأصيل .
 
يفجر في قلب بيروت جمرته ,
 
فاحتواه الصهيل .
 
و أطلق من شرفة البحر ...
 
صارية للندى ...
 
و أغنية للرحيل .
 
قال :
 
هل في المنافي وطن ؟!
 
وحدق في صفحة المستحيل
© 2024 - موقع الشعر