المزمور الحادي والخمسون بعد المائة - صدقي شعباني

( لقائد فرقة المنشدين: صحبة الآلات الوتريّة )
 
تعثّر في القلب بوحي،
 
وكنت ظننت بأنّي براء من الحبّ...
 
كنت انتهيت من العشق –
 
أغلقت باب الغرام.
 
فجاءت كفرخ الحمام،
 
وحطّت قريبا من القلب،
 
ألقيت بعضا من الحبّ،
 
لم تكترث ليدي...
 
لم تراعي كثيرا لما كنت ألقيته
 
في التّراب،
 
وطارت... فألفيت باب الفؤاد
 
مزامير تشدو،
 
وحجّابها يستفيقون من ضجعة
 
أرهقتهم،
 
ويلقون في القلب سجّادة
 
لتلك الحمامة ترفل في حلّة من حرير...
 
فلم أدر هل أستعيد يدي
 
أم فؤادي؟
 
أم أحاول أن أغلق الباب ثانية؟ –
 
ففي الأربعين تشيخ اليدان
 
اللّتان تقولان كلّ الكلام... تحطّان
 
فوق اليدين ليعبر فوق الدّماء الّذي
 
لا يفسّر من كلّ عشق جميل...
 
وفي الأربعين،
 
يحلّ محلّ الكلام عن الحبّ –
 
والشّعر –
 
والعشق –
 
والأغنيات،
 
الدّوار...
 
أفكّر في القلب يصبح نبضي الضّعيف،
 
أداوره مثل طفل
 
ليسعفني النّوم في اللّيل...
 
أعفيه من حشرجات تزّاور عنّي مليّا
 
وتهمي – لماما – كقطر تأخّر في الأربعين.
 
أحاول أن أستعيض عن الموت بالموت،
 
أنا القادم من خوفي اللّولبيّ الصّقيل...
 
ففي الأربعين، تصير الخطى خطوة،
 
خطوتين إلى الصّمت،
 
بين السّحاب الحزين...
 
فجاءت كفرخ الحمام،
 
لتفتح في القلب شرّاعة للهديل!!
 
لماذا تجيئين؟!
 
لماذا تكونين... يا زهرة للرّبيع
 
المزخرف بالطّيب؟!
 
أنت الصّبا... أنت ما أعجزتني
 
الحروف لكي أستلذّ لظى حرفه...
 
أنت هذا الّذي شقّ روحي،
 
فأجفلت حتّى التّداعي...
 
أنت الهوى،
 
وفؤادي عليل.
 
تعثّر في القلب بوحي –
 
تمنّيت لو أنّ لي بعض عمر جديد...
 
تمنّيت لو أنّ لي قلب طفل وليد...
 
تمنّيت لو أنّ لي موجة في عيوني،
 
فأركبها زورقا لتسافر ريحانة في
 
الوريد...
 
تمنّيت... آه، تمنّيت لو أنّ لي
 
حدقين فأطبع فوقهما مقلتيها،
 
وأغلق دونهما كلّ صوت شريد...
 
تمنّيت لو أنّ لي قلبها، فأراها
 
بروحي ترمّم أحزان قلبي، وتجمع
 
روحي على روحها... فتأتي
 
الحساسين... تأتي اليمائم... تأتي
 
الشّحارير... تأتي العنادل... تأتي
 
الخطاطيف من شوقهنّ الشّتائيّ... تأتي
 
المزامير من كلّ عمري الفقيد...
 
وحجّابها يستفيقون من ضجعة
 
أرهقتهم، ويلقون في القلب
 
سجّادة... لتلك الأميرة ترفل في
 
حلّة من حرير...!!
 
*
 
البريمي في 17 كانون الأوّل 2007
© 2024 - موقع الشعر