المنمنمة الرّابعة - صدقي شعباني

1-
 
كانت مجرّد مزحة
 
أن تحرق النّار ماء البحر...
 
وكان البحر مجرّد جرح نازف
 
حينما أرهقته الأكاذيب عن صدفة
 
تجمع في الحلم عشرين نافذة
 
مشرعة...
 
وكانت الصّدفات الصّغيرات
 
يغنّين...
 
ويبنين من لؤلؤ البحر
 
أوطان رمل لكلّ الحزانى...
 
وكان المضيق يرابط خلف المدى
 
والصّدى حرقة في النّزيف
 
المشوّه...
 
– ربّما لم أر غير شوقي
 
ربّما لم أغنّ لغير انصمامي
 
– إلى المحرقة
 
غير أنّ الّذين يموتون،
 
بين النّدى والمدى،
 
– لم يروني
 
فغنّيت للحبّ،
 
والموت جنّية ساحره!
 
وطني قطعة من زجاج،
 
رحلة من صفاء الشّوارع
 
في اللّيل،
 
أغنية الغجريّ المسافر،
 
درّاقة غازلتني طويلا،
 
فأحجمت حتّى التّخاذل،
 
كي أبني من دمعتين
 
حدود انتمائي الّذي فاض
 
– عنّي كثيرا
 
وطني لغة خلعتني؛
 
أنا شرّدتني الحروف اللّواتي
 
تمنّعن منّي،
 
فأسلمنني خلف موتي،
 
لمن كان مثل السّحاب
 
– مدى ويدا
 
وطني شارد في انخذالي
 
البعيد...
 
آية عبرتني
 
فأطلقت من شهقة الرّوح
 
مزمور موتي الجديد...
 
2-
 
كانت مجرّد أغنية،
 
هذه السّيّده...
 
بنظّارة للتّأمل في ا لحزن،
 
قفّازها المخمليّ...
 
وشيء بتلك الشّفاه
 
المبعثرة الحائرة...
 
كانت تحاول أن
 
تمسك الكأس... أن
 
تعطي الآهة الغسقيّة
 
ساعة للشّرود المراوغ...
 
أن تختفي في انسدال الجفون؛
 
ولكنّ شيئا عميقا
 
كذاك الطّريق الطّويل
 
استباها،
 
فأغلقت الكأس في شفتيها.
 
تمنّيت لو أنهت الأغنية،
 
لو غنّت السّيّده...
 
فمازلت أعشق صوتا
 
يكاد يكون،
 
فينهيه قبل الكيان السّكون!!
 
3-
 
كانت مجرّد مزحة
 
– أن يحتفي
 
من كان مثلي،
 
بقتل الجنون
 
الّذي
 
في
 
السّكون...
 
*
 
العين في: 26 تشرين الأوّل 2007
© 2024 - موقع الشعر