هل أتاكم حديث الخيول ؟ - نور الدين عزيزة

أَيُّهَا النّائمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
هلْ أَتَاكُمْ إِذَنْ، حَدِيثُ الخُيُولِ؟

لَمْ يُفِقْكُمْ مِنَ السُّبَاتِ نَفِير
أَوْ صَهِيلٌ يَحتَدُّ بَعْدَ الصَّهِيلِ

أَوْ صَرِيرٌ تَسَمَّعَتْهُ الدُّنَى مِنْ
أَمَرِيكَا لِمَا وَرَا كَابُولِ

السُّيُوفُ السُّيُوفُ مِنْ كُلِّ لَوْن
مِنْ خَفِيٍّ لِمُغْمَدٍ مَسْلُولِ

وَالدِّمَاءُ الحَرَّى تَهَامَتْ سُيُولا
فَإِذَا بِالسُّيُولِ فَوْقَ السُّيُولِ

فَكَأَنَّ الدِّمَاءَ لَيْسَتْ دِمَاءً بَلْ
جُفَاءً مِنْ فَيْضِ نَهْرِ النِّيلِ

وَكَأَنَّ الجِرَاحَ لَيْسَتْ جِراحًا
وَكَأَنَّ القَتِيلَ غَيْرُ قَتِيلِ

وَدُمُوعَ النِّسَاءِ لَيْسَتْ دُمُوعًا
وَعَوِيلَ الأَطفَالِ غَيْرُ عَوِيلِ

وَكَأَنَّ الجَلِيلَ أوْ بَيتَ لَحْمٍ
أو جِنينًا مِنْ كَوكبٍ مَجْهُولِ

وَكَأَنَّ التَّاريخَ باتَ سَرَابًا
أَوْ كِتَابًا مُمَرَّغًا في الوُحُولِ

وَكَأنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْنَا جُيُوشٌ
وَالرَّعيلُ الأَعَزُّ بَعْدَ الرَّعِيلِ

وَكأَنَّ الفُتُوحَ مَحْضُ خَيَالٍ مِنْ
نَسيجِ البُهْتَانِ والتَّدْجِيلِ

وَخُيُولَ الفُتُوحِ لَيْسَتْ خُيُولاً
بَلْ دُمَى صِبْيَةٍ وَمَسْخُ خُيُولِ

وَكَأَنْ طَارِقًا لَمْ يَخُضْهَا
بِحَارًا وَجِبالاً إِلَى مَنِيعِ السُّهُولِ

وَصَلاحًا لَمْ يَفْتَحِ القُدْسَ
بِالأَمْس وَلَمْ يُجْلِ مِنْهُ كُلَّ دَخِيلِ

وَرَحَى الحَرْبِ لَمْ تَدُرْ بِسِينَاءَ
وَلَمْ نَشْهَدْ أَيَّ نَصْرٍ بُطُولِي

وَكّأَنَّ العَدُوَّ لمْ يَلْقَ في لُبنانَ
مَا لَمْ يَجِدْهُ في الدَّرْدَنِيلِ

أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
وَصَلِيلِ القَنَا وَهَوْلِ الصَّلِيلِ

مَا الّذِي يَجْرِي يَا تُرَى! مَا دَهَاكُمْ ؟
أَيُّ جُبْنٍ نَرَى وأَيُّ خُمُولِ!

يَا إلهِي! كَأَنَّ غَرنَاطَةً تَصْرُخُ
وَالقَوْمُ بَعْدُ في "يَا لِيلِي"

أَأَبُو عَبْدِ الله قَام هُنَا، أَمْ
صَنَعُوا اليَوْمَ مِنْهُ ، كَمْ مِنْ عَمِيلِ!

أَمْرُنا يَا أَبَا البَقَاءِ ،
عَجِيبٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا لَهُ مِنْ مَثِيلِ

قَدْ أَعَادَ التّاريخُ نَفْسَ
الخَطَايَا كَيفَ عَادَ التَّاريخُ بالتَّفْصِيلِ!

إِخْوَةٌ يُذْبَحُونَ في كُلِّ يَوْم
بَلْ أُسودٌ ذَبائحٌ كَالعُجُولِ

فَعَلَ السَّامِرِيُّ بالسَّيْفِ فِيهِمْ
مَا يُهِيجَنَّ رُوحَ عَبْدٍ ذَليلِ

فَإِذَا مَا نَجَوْا مِنَ الْمَوْتِ أَضْحوا
عُرْضَةً لِلسُّجُونِ وَالتَّرْحِيلِ

فَإِذَا مَا نَجَوْا فَلِلْجُوعِ وَالْقَصْفِ
وَهَدْمِ القُرَى وَجَرْفِ الحُقُولِ

أَيْنَ يَا هِنْدُ! أَيْنَ مُعتَصِمَاهُ!
أَينَهُ يَا قُرَيْشُ حِلفُ الفُضُولِ!؟

أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّلُولِ
المُقيمُونَ في نَقِيعِ الوُحُولِ

هَاهُمُ " الجَاهِلُونَ " بَيْنَ يَدَيْكُمْ
وَالمَزِيدُ المَزِيدُ بَعْدَ قَليلِ

هَاهُمُو يَلْعَبُونَ في خَيْبَرٍ بِالنّار
بَعْدَ الجَلاَءِ مُنْذُ عَهْدٍ طَوِيلِ

حَامِلاَتٌ مِنْ حَولِنَا رَاسِيَاتٌ
طَفَحَتْ طَفْحًا بِالعَتَادِ الثَّقِيلِ

طَائِرَاتٌ مِنْ فوقِنَا، يَرْجِعُ الرَّادَارُ
مِنْ دُونِهَا بِطَرْفٍ كَلِيلِ

وَجُيُوشٌ تَحِلُّ بَعْدَ جُيُوشٍ
بِسَلاَمٍ، فِي الحِلِّ أَوْ فِي الرَّحِيلِ

يُلْعَنُ المُعتَدُونَ في كُلِّ
أَرْضٍ مِنْ صَغيرٍ مُحَقَّرٍ لِنَبِيلِ

بَينمَا عِنْدَنا يُلاقُونَ أَهْلاً
وَعَظَيمَ الإِجْلاَلِ والتَّبْجِيلِ

كُلَّمَا لاَحَ مُفْتَرٍ مِنْ ذَويهمْ
لَقَفَتْهُ الأَحْضَانُ بالتَّهْليلِ

يَعْبُرُونَ البِلادَ بَرًّا وَبَحْرًا
مِنْ ظَفَارٍ إِلى ذُرَى إِرْبِيلِ

أَيُّهَا " المَانِعُونَ " هيَّا امْنَعُوهُمْ
مِنْ مُرُورٍ بِأَرْضِكُمْ أَوْ نُزُولِ

لوْ أَرَادُوا خُدُورَكُمْ دَخَلُوهَا
دُونَمَا حَاجَةٍ لإِذْنِ دُخُولِ

جَهِلَ " الجَاهِلُونَ " جَهْلاً عَلَيْكُمْ
أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ " فَوْقِ جَهْلِ" الْجَهُولِ!

ذَهَبَ القَوْمُ في الزَّمَانِ بَعيدًا
لاَ تَظُنُّوهُ بَعْدُ عَامَ الفِيل

لَنْ يَطُولَ الوَبَاءُ أَبْرَهَةَ اليَوْمَ
وَمَا مِنْ حِجَارَةٍ سِجِّيلِ

وَقَفَ " الجَاهِلُونَ" وقْفَةَ أُسْدٍ
بَلْ رَعَادِيدَ في ثِيَابِ فُحُولِ

وَقَعَدتُمْ عَلَى المَوَائِدِ جُبْنًا
في وُجُومٍ وَحَيْرَةٍ وَذُهُولِ

وَتَرَكْتُمْ لِلبَطْشِ خَيْرَ رِجَالٍ
فَعَلُوا مَا قَدْ كَانَ كَالمُستَحِيلِ

قَدْ هَربتُمْ مِنَ الصِّرَاعِ وَرُحْتُمْ
في صِرَاعٍ حَولَ الصِّرَاعِ طَوِيلِ

وَانْبَرَى فُرْسَانُ الكَلاَمِ إِلَى المَيْدَانِ
مِنْ تَحْلِيلٍ إِلَى تَحْلِيلِ

يَبْحَثُونَ الحُلُولَ حَلاًّ فَحَلاًّ
وَيَرُوغُونَ دُونَ حَلِّ الحُلُولِ

يَنقَضِي اليَومُ في عَجِيبِ الرُّؤَى بَيْنَ
فَتِيلٍ وَحُلْمِ نَزْعِ الفَتِيلِ

حلْحِلُوا مَا اسْتَطَعْتُمُ، كَيْفَ شِئْتُمْ
مَا لَدَيْكُمْ سِوَى حُلُولِ الذَّليلِ

كُلّمَا قُلتُمُ انْتَهَيْنَا، وَرُحْتُمْ
تَتَهَانَوْنَ في حَمَاسٍ طفُولِي

أَبْدَعُوا آيَاتٍ لَكُمْ بَيِّنَاتٍ
ليْسَ في تَوْراةٍ وَلاَ إِنْجيلِ

كُلُّ شَيْءٍ أَمَامَكُمْ، بَيْدَ لاَ يَدْرِي
دَبيرًا فَهِيمُكُمْ مِنْ قَبِيلِ

لاَ سَلاَمٌ يُرْجَى بِلا قُوَّةٍ مُنْذُ
اعْتَدَى قَابيلٌ عَلَى هَابيلِ

هَكَذَا تُصْبِحُ الكِلاَبُ أُسُودًا
ويَذِلُّ النَّبِيلُ إِبْنُ النَّبِيلِ

و كَذَا كَانَتِ الجِبَالُ جِبَالاً
وَكَذَا في التَّاريخِ وَالتَّنْزيلِ

أَيُّهَا النّائِمُون بَيْنَ النُّقُولِ
وَطِعَانِ النِّسَا وخَفْقِ الكُحُولِ

وَوَثيرِ الفِرَاشِ كُلَّ مَسَاءٍ
وصَبَاحٍ في حِضْنِ طَرْفٍ كَحِيلِ

كَيْفَمَا كُنْتُمُو يُوَلَّى عَليْكُمْ
لَيْسَ غَيْرَ الشُّعُوبِ مِنْ مَسْؤُولِ

بِئْسَ قَوْمٌ يَحْيَوْنَ يَوْمًا فَيَوْمًا
لِطَعَامٍ وزيجةٍ ومَقيلِ

عَالَةٌ أَنْتُمُ عَلَى الخَلْقِ صِرتُمْ
بَعْدَ دَهْرٍ مِنَ العَطاءِ جَلِيلِ

رُمْتُمُ شَهْوَةَ التَّواكُلِ حتَّى
لَمْ يَعُدْ عِنْدَكُمْ لَهَا مِنْ بَديلِ

فَإِذَا البَيْتُ بَاتَ خُمَّ دَجَاجٍ
رَاعَكُمْ حَوْلَهُ خَيَالُ الغُولِ

وَالجُيُوشُ الجُيُوشُ أَمْسَتْ فُلُولاً
بَلْ كَعَصْفٍ مُبَعْثَرٍ مَأْكُولِ

غَيْرَ أَنَّ التَّرَابَ قَدْ يَحْتوِي تِبْرًا،
وَفِي اللَّيْلِ رُبَّ نَجْمٍ دَلِيلِ

تِلكَ بَغْدَادٌ بَعْدُ وَاقِفَةٌ في
وَجْهِهِمْ وَقْفَةَ الكَريمِ الرُّجُولِي

فِي يَدٍ رَايَةُ العُرُوبَةِ رَفَّتْ
وَعَلَى الرّأَسِ رَايَةُُ لِلرَّسُولِ

تِلكَ بَغْدادٌ رَاعَهَا وَحْدَهَا
مَا رَاعَها، وَالجَبِينُ فَوْقَ الكُبُولِ

وَفلسْطِينُ هَاهُوَ العِزُّ فِيهَا
يَتَلأْلاَ مِنْ مِعْصَمٍ مَغلُولِ

أيُّهَا قَطْرَةٍ مِنَ الدَّم
سَالَتْ في جِنِينٍ فَخْرٌ بِدُونِ مَثِيلِ

دَوَّخَتْ بَهْجَةُ الشَّهَادَةِ فِيها
مَا تَبَقَّى لَدَى العِدَى مِنْ عُقُولِ

هَذِهِ بَغْدَادٌ وَهَذِي جِنِينٌ
يَا لَهُ حَقًّا، مِنْ شمُوخِ أَصِيلِ

إنَّ بعضًا من الكَرامَةِ أَغْلَى
مِنْ جَمِيعِ البُنُوكِ والبتْرُولِ

أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
هَلْ إِلى الصَّحْوِ عِنْدَكمْ مِنْ سَبِيلِ!

هَلْ سَأَلْتُمْ مَا نَحْنُ لَوْلاَ رِجَالٌ
أَشْرَقُوا مِنْ ظَلامِنَا كَالنُّصُولِ؟

نَفَذُوا فِي الحَدِيدِ دُونَ حَدِيدٍ
وَرَمُوا الرُّعْبَ فِي فُؤَادِ الغُولِ

كَسَرُوا نَخْوَةَ الأَعَادِيَ حَتَّى
فَقَدُوا الوَجْهَ مِثْلَ أَيِّ رَذِيلِ

كَسَرُوهَا فَلاَ أَمَانَ مِنَ اليَوْمِ
لِشَيْطَانِ البَغْيِ وَالتَّنْكِيلِ

يَا زُهُورَ المَوْتِ الجَمِيلِ سَلاَماتٌ
فَفِيكُمْ كُلُّ العَزَاءِ الجَمِيلِ

التَّبَاشِيرُ أَنْتُمُ مِنْ جَدِيدٍ
في زَمَانٍ الخِذْلاَنِ وَالتَّخْذِيلِ

أَصْبَحَ المَاءُ في الحُلوقِ حَمِيمًا
كَيْفَ حَوَّلتُمُوهُ مِنْ سلسَبِيلِ

© 2024 - موقع الشعر