الفتى أيّوب - حيدر محمود

هل تعرفونَ الفتى أيّوب ؟.
 
كان له ..
 
فينا – إذا مرَّ –
 
عرسُ للحساسينِ ..
 
وكانَ أجملَ مَنْ فينا ،
 
وما حَمَلتْ ..أُمّي
 
بأعبقَ منهُ ،
 
في الرّياحينِ ..
 
إذا لَفى ..
 
قالت الدنيا :
 
( الأبيُّ لَفى ...)
 
وطأطأت هامها ، كلُّ الميادينِ !
 
وكان أيوبُ ( .. يا ما كان )
 
أُغنيةً ،
 
على شفاهِ الحيارى ،
 
والمساكين ....
 
وكانَ :
 
نجمةَ صبحِ الذاهبينَ إلى
 
نفوسهمْ ..
 
لُيريحوها من الطّينِ ..
 
ويمَسحوا الهُونَ ، عنها ،
 
بعدما رسَفَت
 
به .. زماناً ..
 
وما أقساهُ من هُونِ !!
 
لكنَّ أيوب .....
 
مطلوبٌ لإخوتِهِ ..
 
من بعدِ أن دوِّخوا
 
نقعَ الميادينِ ...
 
شدّوا أعنّةَ دبّاباتِهِمْ ،
 
ومَشَوْا ،
 
( إلى مواجِعِهِ )
 
مَشْيَ الشياطينِ !
 
كلُّ المنافي .. عليهِ ،
 
فهيْ تُسْلِمُهُ
 
منها ، إليها ، سجيناً ، غيرَ مسجون !
 
إنْ أَفْلَتَ الصَّدرُ ،
 
من سهمِ العِدى .. فَلَهُ
 
في الظهرِ ، من أهلهِ ،
 
مليونُ سكّينِ !
 
كأنّه لم يكن يوماً ،
 
أخا أحدٍ ..
 
مِنْهُمْ !!
 
ولا جاءَ من ذات الشرايينِ
 
لا يصبحُ الدَّمُ ماءً
 
عند أُمّتِنا ...
 
إلاّ إذا عاث بالأصْلابِ ،
 
صهيوني !
 
فلتَنْتَسب فَر‌َسُ الهيجا
 
لفارسِها ....
 
فقد تشابَكَ
 
حُرُّ القومِ ، بالدُّونِ ..
 
والأرضُ دوّارةٌ ،
 
لا تستقرُّ على ..حالٍ
 
وما أحدٌ فيها بمضمونِ!
 
أحاولُ الفهمَ :
 
هذا السُّوقُ أتعبَني ..
 
وحيّرَتْني اضطرابات الموازينِ !
 
هل صاحبي .. صاحبي ؟!
 
( من ذا يجاوبُني ..)
 
وهل عدوّي .. عدوّي ؟!
 
( من سيُفتيني !)
 
وكيف أعرفُ : سكيَناً ستذبحُني
 
وكيف أعرفُ سكيّناً ..
 
ستَحميني ..؟!
 
أحاولُ الفهمَ : لكنْ لا يُطاوعُني
 
عقلي .. فأبكي عليهِ ،
 
ثُمّ .. أبكيني !!
 
يا صبرَ أيّوبَ ..
 
صبِّرْني على زَمَنٍ
 
تجاوَزَتْ حدَّها ، فيه ، قرابيني !
 
إنْ أجدبتْ في مكانٍ ،
 
قيلَ لعنتُه ... حلَّتْ
 
وإنْ أخصَبتْ ،
 
راحوا وخلوني
 
إنّي لأعلِنُ : أنّ الأرضَ عاقلةٌ
 
وليس يُنقذُها....
 
غيرُ المجانين ....!
 
فيا بحارَ دمائي ،
 
أغرقني سُفُني ..
 
وأحرقي الأرضَ ، يا نَار الشرايينِ ..
© 2024 - موقع الشعر