نشيد الانتفاضة - جميل علوش

مِنْ ليلِ الأيام السودِ
من تعْسِ الحظِّ المنكود
من خيمة عانٍ مكمود
من سجنٍ سُدَّ على الأحياءْ
 
هبّتْ كالعاصفِ كالإعصارْ
ماجتْ كاللُّجّةِ كالتيّار
وتحدّتْ شمشونَ الجبّار
وبراثن قوّته العمياءْ
من قلب القدس إلى يافا
أطياف هزّت أطيافا
أسياف شدّتْ أسيافا
وتعالتْ بالنصرِ الأنباءْ
 
قد ثار الشعب على الغازي
وتأهَّبَ للصَّيْد البازي
ما بين الشامِ وبنغازي
أسماعٌ تُطربُها الأصداءْ
قد عمّتْ ثورتنا الوطنا
الريفَ الأخضرَ والمُدُنا
والناشئَ والشيخَ اليفنا
والطَّود الشامخ والبطحاءْ
 
الثورة فجّرها الشعبُ
والظالم زعزعه الرعب
يا برق الثورةِ لا تخبُ
ولتغمرْ عالمنا الأنواءْ
أبناءُ فلسطينَ النُّجُبُ
 
لقتالِ الغاصب قد وثبوا
خفّوا للموت وما حسبوا
للبغي حساباً في الهيجاء
 
خفّوا للثأر وما جبنوا
والأرضُ تُنادي والوطنُ
خاضوا الأهوال وما وهنوا
كنُسورٍ تقتحمُ الأجواء
 
الثورةُ تزدردُ الظُّلْما
تُظمي الأعداء ولا تَظما
قد هاضتْ للطاغي عَظْما
وتحدَّتْ سنّته الهوجاءْ
 
في السهل تعالتْ والجبلِ
كلهيبٍِ ضارٍ مُشتعل
كسحاب مُنْهلٍّ هَطِل
يهمي في الأفق بلا إبطاءْ
 
شبَّتْ في القدس وفي صَفدِ
لم تحنِ الرأس ولم تَحِدِ
وتهادتْ كالليث الحَرِدِ
يختالُ بهمّتهِ القَعْساءْ
 
تاهتْ ببيارقها القِممُ
وزهتْ بخوارقها الأُممُ
وهمى فطغى السيلُ العَرِمُ
في أرضِ فِلسطينَ العرباءْ
 
من أقصى السفح إلى الوادي
قد فاض السيل على العادي
وتصدّى الجائع والصادي
لجحافل «باراك» الشوهاءْ
 
ما قرَّ الثأر وما ناما
والحرُّ الثائر ما خاما
سيهزّ الشعبُ الظُلاّما
فتُظِلُّ بيارقه الجوزاءْ
 
قد جدَّ الجِدُّ على العادي
وأفاق الحاضرُ والبادي
للّه قوافلُ أنجادِ
فاضتْ كالسيل على الأعداءْ
 
في وجه الباطل قد وقفوا
وبركنِ الباطل قد عصفوا
عَنُفَ الطغيان وقد عَنُفوا
أَيُقابلُ عُنْف بالإغْضاءْ؟
 
القدس مُسبِّحة تُعلي
للّه دُعاها والرُّسْلِ
والعالم عنها في شُغْل
قد صدّ السمع فلا إصغاءْ
 
الصخرة تصرخ والمهْدُ
وجفون القدس بها سُهد
قد طال على الغازي العهْد
فليرحلْ عن أرض الإسراءْ
 
القدس لنا والمهدُ لنا
والشط الحلوُ وما اختزنا
ما نام الثارُ ولا سكنا
مَنْ يَنْسى جنته الزهراءْ؟
مَنْ يَنْسى حيفا أو يافا؟
وجِناناً غُلْبا ألفافا
ورباعاً فاقتْ أوصافا
تزهو بخمائلها الخضْراءْ
 
من ينسى الأرض المحتلّهْ
وخمائل فيها مُخْضلهْ
من ينسى اللدَّ أو الرملهْ
من ينسى يافا والميناءْ
 
من ينسى السهل أو الجبلا
ودياراً قد فاضتْ عَسَلا
ومرابعَ قد رفّتْ غزلا
كرفيف جنائنها الغنّاءْ
 
المجدُ لنا ولنا الظفرُ
والموتُ له وله الحُفَرُ
وبإذن الله سننتصِر
وستخلد ثورتنا الشمّاءْ
 
يا شعبي الثائر لا تجزعْ
لن يغلب همتك المدفعْ
قد آن أوانُكَ أَنْ تصدع
بالحقّ وثورته الحمراءْ
عفواً وحنانَكِ يا بلدي
كم قِيل العَوْد ولم نَعُدِ
إنْ مرَّ اليومُ فبعدَ غَدِ
ما زال يُضاحكنا اللألاءْ
 
قد طالتْ رحلتنا في التّيه
ما بين الخدعة والتمويه
واليوم نرى برقاً تُغليه
يفترّ لصادٍ في البيداءْ
 
سنعودُ إلى أرض الوطنِ
سنعودُ على رغم المحن
وسنبني في تلك الدِّمَن
ما هدَّمتِ الحربُ الشعواء
 
لِتمكّن ثورتنا ندعو
ولأنف أعاديها الجَدْعُ
والعين لها ولها السمْع
والعزّة طُرّاً والعلياءْ
© 2024 - موقع الشعر