في قلبك الله - إيليا أبو ماضي

مرّت ليال و قلبي حائر قلق
كالفلك في النهر هاج النوء مجراه

أو كالمسافر في قفر على ظمإ
أضنى المسير مطاياه و أضناه

لاأدرك الأمر أهواه و أطلبه
و أبلغ الأمر نفسي ليس تهواه

عجبت من قائل إنّي نسيتكم
من كان في القلب كيف القلب ينساه ؟

إن كنت بالأمس لم أهبط مربعكم
فالطير يقعد موثوقا جناحاه

فلا يقرّبه شوق إلى نهر
و ليس تنقله في الرّوض عيناه

و ليس يشكو و لا يبكي مخافة أن
تؤذي مسامع من يهوى شكاواه

إنّي لأعجب منّا كيف تخدعنا
عن الحقائق أمثال و أشباه

إذا بنى رجل قصرا وزخرفه
سقنا إليه التهاني و امتدحناه

و ما بنى قصره إلاّ ليحجب عن
أبصارنا في زواياه خطاياه

و نمدح المرء من خزّ ملابسه
و ذلك الخزّ لم تنسجه كفّاه

و إن أتانا أخو مال يكاثرنا
بالتّبر تيها رجوناه و خفناه

و قد يكون نضار في خزائنه
دما سفكناه أو جهدا بذلناه

لا تحسب المجد ما عيناك أبصرتا
أو ما ملكت هو السلطان و الجاه

ألمال مولاك ما أمسكته طمعا
فانفقه في الخير تصبح أنت مولاه

ما دام قلبك فيه رحمة لأخ
عان ، فأنت امرؤ في قلبك الله

© 2024 - موقع الشعر