تلك المنازل - إيليا أبو ماضي

تلك المنازل ... كيف حال مقيمها
إنّا قنعنا بعدها ....برسومها

تمشي على صور الطيور لحاظنا
نشوى ، كمن يصغى إلى ترنيمها

و نكاد نعشق في الأزاهير الدمى
أزهارها ، و نحسّ نفخ شميمها

نشتاقها ، في بؤسنا و نعيمنا
و نحبّها ، في بؤسها و نعيمها

ولا الخيال يعين أنفسنا لمّا
سكنت ، و لم يهدأ صراخ كلومها

و لكان شهد الأرض في أفواهنا
و هو اللّذيذ أمرّ من زقّمها

يا حاملا في نفسه و حديثه
أحلام أرزتها و لطف نسيمها

حدّث بنيها شيخهم و فتاهمو
عن ليث غابتها و ظبي صريمها

خبّرهم أنّ الكواكب لم تزل
تحنو على العشّاق بين كرومها

ما زال بلبلها يغنّي للربى
و السّحر تنفثه لواحظ ريمها

و الريح تلتقط الشّذى و تذيعه
من شيحها طورا و من قيصومها

و هضابها يلبسن عسجد شمسها
حينا ، و أحيانا لجين نجومها

الفجر يرقص في السهول و في الذرى
متمهّلا فتهشّ بعد وجوهما

إن بدّلت منها التخوم فإنّها ما
بدّلت و الله غير تخومها

حدّثهم عن ليلها و نجومها
و عن الهوى في ليلها و نجومها

و عن الشّطوط الحالمات بعوده
للغائبين ، و رجعة لنعيمها

و عن الروابي الشاخصات إلى السما
ألعالقات رؤوسها بغيومها

فكأنّها سحب هوت من حالق
ورست على وجه الثّرى بهمومها

و عن الحياة جميلها و قبيحها
و عن النفوس صحيحها و سقيمها

و عن الألى ملكوا فلم يتورّعوا
عن سلب أعزلها و ظلم يتيمها

و عن الثعابين التي في أرضها
و عن الذئاب العصل خلف تخومها

ألجاهليّة ، آه من أصنامها
بوركت ، يا من جدّ في تحطيمها

و الطائفيّة أنت أوّل معول
في سورها ، ثابرعلى تهديمها

حتّى تعود وواحد أقنومها
و يحلّ روح الله في أقنومها

قل للشبيبة أن تبين وجودها
و تعزّ أنفسها بهون جسومها

كم ذا تشعّ و لا تضيء علومها
سرج الظلام إذن جليل علومها

يا واحد منها يحمّل نفسه
آلام عانيها وليل سليمها

إن أكرمتك نفوسنا في ليلة
فلكم قضيت العمر في تكريمها

© 2024 - موقع الشعر