ما زال في الأرض حبّا - إيليا أبو ماضي

أيّ خطب دها فبات المهجر
مثل حقل مرّت عليه صرصر

ضربت عقد زهرة فتبعثر
و مشت فوق عشبه فتنكر

بعد أن كان عبهريا نديّا
قد سمعنا ، يا ليتنا لم نسمع

نبأ زعزع القلوب و ضعضع
فجزعنا ، و حقنا أن نجزع

لفراق الفتى الأديب الألمع
وذرفنا دمعا سخينا سخيّا

قد بكينا كما بكى لبنان
و حنّتنا كأرزه الأحزان

ليس بعد الأمين ثمّ مكان
غير مستوحش و لا إنسان

ذو وفاء لم يبك ذاك الوفيّا
ألمهيّ قد غاب تحت الرغام

إنّما لم يغب عن الأفهام
فهو باق فينا مدى الأيّام

فعليه تحيتي و سلامي
عاش حرّا ، و مات حرّا أبيّا

لم يعفّر جبينه في التراب
لم يوارب في موقف ، لم يحارب

لم يبع قومه من الأغراب
لم يسر في سوى طريق الصواب

لم يكن خائنا و لا إمعيّا
عاش في الأرض مثل زهر البنفسج

كلّما زاد فركه يتأرّج
و كنجم في برجه يتوهّج

لا يبالي أحبّه من أدلج
أم أحبّ اللّيل البهيم الدجيّا

فابسمي فوق قبره ، يا نجوم
و ترنّم من حوله ، يا نسيم

فالدّفين الذي هناك يقيم
بطل مصلح وروح كريم

و لسان تخاله نبويّا
و تنصّت إذا رأيت الأقاحي

جاثيات في هيكل الأرواح
قائلات بلهجة النصّاح

أيّها النّاس ، بعض هذا النذواح
" فأمين " ما زال في الأرض حيّا

© 2024 - موقع الشعر