يا أم مشتاق - وحيد خيون

يا أمّ َ مُشتاقَ قد ضجّتْ مَنايانا
ترْمِي الخطايا ولا نرمي خطايانا

وأنّ منْ بعدِ هذا الليل ِ شارقة ً
وأنّ من بعدِ هذا الهدْم ِ عمْرَانا

وأنّ من بعدِ هذا النوح ِ أُغنِيَة ً
وأنّ من بعدِ هذا الكفرِ إيمانا

يا أمّ مشتاقَ ماذا قالَ قائلُهم ؟
فقدْ تبدّدَ شئ ٌ مِنْ خفايانا

وهل عرَفتُم مَدى ما راعَ أنفسَنا وهل عرَفتُم أبي خيونَ ماعانى؟
وهل نرى بعدَ ذاكَ الوِزرِ مغفِرة ً

وهل سيلقى قتيلُ البُعْدِ رِضوانا؟
أمسى بعيداً مدارُ الشمس ِ عن سكني

وأمستْ البيدُ تلوَ البيدِ سُكّانا
يا أمّ مشتاقَ مَنْ يدري بلَيْلَتِِنا

ماذا ستطوي ومَنْ يدري بدُنيانا
وإنّهُ طالما أعْيَتْ سرائرُهُ

أفكارَنا فأرَدْنا منهُ هِجْرانا
يا أمّ مشتاقَ يا أشواقَ قريتِنا

ويا نخيلَ بني سَعْدٍ و شُطآنا
والزارِعونَ إذا سَبُّوا سنابلَنا

جاءتْ نسائمُ مِسْكٍ من سَجَايانا
ماذا نقولُ وماذا في دفاتِرِنا ؟

وما سيقرأ ُ بعدَ الآن مَوْتانا ؟
فإنْ تفارقَ جسمانا على عجل ٍ

فما تفارقَ لا و اللهِ قلبانا
هنا و وَجْهُكِ مفقودٌ تُسائِلُني

عنكِ الرؤى وأماس ٍ صرنَ نيرانا
أ أصبحَ الصُبحُ في ذي قارَ يذكرُنا

أمْ نذكرُ الصُبْحَ أشواقاً فينسانا
وتعلمينَ الذي تطوي رسائِلُنا

واللهُ يعلمُ ما تنوي نوايانا
وكيفَ صبرُ فؤادٍ لا سواكِ بهِ

وكم سيَحْمِلُ أوجاعاً وأحزانا
وحدي أُقاسي ووحدي أستطيرُ أسىً

والقلبُ ينشُبُ بُركاناً فبُركانا
ولستُ أوّلَ مَنْ خانَ الزمانُ بهِ

ولسْتُ أوّلَ مَنْ فيهِ الهوى خانا
والبيتُ أصبحَ أطلالاً مُبَعْثرَة ً

يصطادُ بعدَ طيورِ الحبِّ غِربانا
يا أمّ مشتاقَ يا أُختاهُ ما بيَدي

أخفى الأكارمَ صدّامٌ فأخفانا
يا أُمّ مشتاقَ صدّقْنا وإنْ كَذبُوا

تلكَ الأقاويلَ مضموناً وعنوانا
وليسَ قبحٌ بنا لو طارَ طائِرُنا

ولا لحُسْن ٍ بنا لو عادَ يهوانا
أعطيتُ كلّ َ دمي طِيباً ومعذرة ً

فقدْ جُزيتُ بهِ غدراً ونُكرانا
مرّ الشِتاءُ و عادَ الصيفُ ثانِيَة ً

وثمّ أفنيتُ أكواناً و أكوانا
لا تسْألي كيفَ أصبحْنا بمَوْطِنِنا

إنّا أسِفْنا لأنّ اللهَ أبقانا
هنا و وَجْهُكِ مفقودٌ تُسائِلُني

عنكِ الرؤى وأماس ٍ صرنَ نيرانا
إياكِ قلبي و أسوارٌ تُمانِعُني

وكانَ قلبُكِ قبلَ اليوم ِ إيّانا
أ أصبحَ الصُبحُ في ذي قارَ يذكرُنا

أمْ نذكرُ الصُبْحَ أشواقاً فينسانا
بعضُ الأحايين ِ في ذكراكِ أختِمُها

وثمّ أصرفُ قلبي عنكِ أحيانا
وتعلمينَ الذي تطوي رسائِلُنا

واللهُ يعلمُ ما تنوي نوايانا
كيفَ القيامُ بوادٍ لا سوايَ بهِ

ومَنْ تعوّدْتُ أنْ ألقاهُ قد بانا
وكيفَ صبرُ فؤادٍ لا سواكِ بهِ

وكم سيَحْمِلُ أوجاعاً وأحزانا
أمّا الأحِبّة ُ يا قلبي فقد رحَلوا

وإنّ َ حيناً توَقّعْناهُ قد حانا
وحدي أُقاسي ووحدي أستطيرُ أسىً

والقلبُ ينشُبُ بُركاناً فبُركانا
ولستُ أوّلَ مَنْ أشقاهُ خالِقُهُ

ولستُ آخِرَ مَنْ قاسى و مَنْ عانى
ولستُ أوّلَ مَنْ خانَ الزمانُ بهِ

ولسْتُ أوّلَ مَنْ فيهِ الهوى خانا
أمّا القلوبُ فشتّى صارَ واحِدُها

وأصبحَتْ بعدَ ذاكَ اللون ِ ألوانا
والبيتُ أصبحَ أطلالاً مُبَعْثرَة ً

يصطادُ بعدَ طيورِ الحبِّ غِربانا
وها أنا حينما لم تعرِفِي أحداً

تَلقينني عندَ فقدِ الناس ِ إنسانا
يا أمّ مشتاقَ يا أُختاهُ ما بيَدي

أخفى الأكارمَ صدّامٌ فأخفانا
يجري الظلامُ فتستلقي قواعِدُهُ

مثلَ الشياطين ِ أرواحاً و أبْدانا
يا أُمّ مشتاقَ صدّقْنا وإنْ كَذبُوا

تلكَ الأقاويلَ مضموناً وعنوانا
فنحنُ أعذبُ ألفاظاً وأندِية ً

ونحنُ أثبتُ أفكاراً و أركانا
وليسَ قبحٌ بنا لو طارَ طائِرُنا

ولا لحُسْن ٍ بنا لو عادَ يهوانا
قد نالَ عهدُ الهوى مني ومِن جسَدي

عُضواً فعضواً وشرياناً فشِريانا
أعطيتُ كلّ َ دمي طِيباً ومعذرة ً

فقدْ جُزيتُ بهِ غدراً ونُكرانا
يا أُمّ مُشتاقَ عُذراً ساءَ خاطِرَتي

نوءُ العواصِفِ أحقاباً و أزمانا
مرّ الشِتاءُ و عادَ الصيفُ ثانِيَة ً

وثمّ أفنيتُ أكواناً و أكوانا
يا أمّ مشتاقَ لا نُخْفيكِ زوبعَة ً

مَرّتْ فزادَتْ على النيران ِ نيرانا
لا تسْألي كيفَ أصبحْنا بمَوْطِنِنا

إنّا أسِفْنا لأنّ اللهَ أبقانا
© 2024 - موقع الشعر