الأجنحة السوداء - وحيد خيون

منْ سنينْ
منذ ُ أنْ كنتُ صغيراً
منذ ُ أنْ كانَ أبي الفلا ّحُ محروماً فقيراً
منذ ُ أنْ كنتُ جنينْ
و على وجهي علاماتُ شقائي
و علاماتُ ضياعي
فإذا ما طارَ في الريح ِ قناعي
ظهرَ السِرّ ُ الدفينْ
و رأى الناسُ جميعا ً ما بقلبي
و تجلّى للملايين ِ منْ المالكُ قلبي
و مَن القاهرُ قلبي
أيها الآسرة ُ القلبَ و يا رأسَ عذاباتي
و يا كلّ َ حنيني
أيها القلبُ و إنْ لم تعرفيني
كلِّميني
فأنا منذ ُ بداياتِ الحياة ْ
في دواويني و في أبياتِ أشعاري
و في كل ِّ معاني الكلماتْ
قد تخيّلتُكِ نبراساً مضيئا ً
و دروبي كلُّها محكومة ٌ بالظلُماتْ
منذ أنْ كنتُ صغيراً
و أنا أحلُمُ بالألوان ِ والنورِ الى حدِّ اكتآبي
و تمنّيْتُ بأنْ أصبغَ بالأزرق ِ أحلامي
وأوراقي وأحداقي
و أزرارَ ثيابي
منذ أنْ كنتُ صغيراً
لم أجدْ في كتُبِ الأحلام ِ تفسيراً لأحلامي
و لا أفهمُ ما سرّ ُ عذابي
كنتُ أستغرقُ بالتفكيرِ حدّ الموتِ
والأمواتُ لا تعرفُ ما بي
ثمّ علّقتُ ببابي كلماتْ
بعدما فتّشتُ كلّ َ المكتباتْ
منذ ُ أن كنتُ صغيراً
و أنا أصبغ ُ بالأزرق ِ حتى الكلماتْ
و على جدران ِ بيتي
و على أرصفةٍ في الطرُقاتْ
أرسُمُ الشمسَ على شكل ِ فتاة ْ
ولها عينان ِ زرقاوان ِ مِثلُ الموج ِ
ينسابُ بها البحرُ
و تهتزّ ُ لها ذلا ّ ً عيونُ الملكاتْ
و لها شعرٌ الى الساق ِ كثيفٌ
يُشْبهُ الأجنحة َ السوداءَ
أو بارجة ًمن أمسياتْ
قد تخيّلتُكِ نبراساً مضيئاً
و دروبي كلّها مرصوصة ٌ بالظُلُماتْ
قد تخيّلتُكِ لحناً
و تخيّلتُكِ شكلاً
و تخيّلتُكِ عطراً
و تخيّلتُكِ لونا ً
ثمّ أعددتُ ثيابَ العُرْس ِ من ضوءِ المصابيح ِ
و ألوان ِ الفراشاتِ
و أهدابِ رموش ِ الفتياتْ
ثمّ ناديتُكِ لما تسمعيني
كلِّميني
واكتبي بيتين ِِِ من شعري و أسماءَ دواويني
على الباصاتِ والساحاتِ والدورِ
وجدران ِ البيوتْ
منذ أن كانَ صغيراً
كانَ يرجو أن يعيشَ العمرَ في بغدادَ
أو فيها يموتْ
و على أسوارِ بغدادَ الجديده
كانَ يستلقي الى الصبح ِ أمامَ السينما البيضاءِ
كي يكتبَ لي أحلى قصيده
© 2024 - موقع الشعر