الثقب

لـ نزار قباني، ، بواسطة منيره العبسي، في غير مُحدد

الثقب - نزار قباني

لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
ولا نجم يسطع..
لا أرض تحبل..
لا قمح يطلع من تحت هذا الركام
ولا غيمة ماطره
فهل نسي الشارع العربي الكلام؟
وصرنا شعوبا بلا ذاكره..
لماذا الجماهير..
بين المحيط، وبين الخليج،
تجوب الأرقة كالقطط الخائفه
وأين هو الشارع العربي
الذي كان يمضغ لحم الطغاة
ويخترع العاصفة؟
وكيف خرجنا من الحلم الوحدوي الكبير
لندخل ثقبا صغيرا..
يسمونه الطائفه؟؟؟
3
لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
ونحن وقوف كأعمدة الكهرباء
نحدق مثل البهاليل صوب السماء
تمر القطارات من قربنا..
تمر الحضارات من فوقنا..
تمر الزلازل من تحتنا..
فلا نتأمل شيئا..
ولا نتعلم شيئا..
ولا نتذكر شيئا..
ولا نتحمس حين مجيء الربيع
ولا نتأثر حين رحيل الشتاء
فلا الله يرضى المكوث لدينا
ولا الأنبياء...
4
لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
وليس هنالك من يطرح الأسئله
وليس هناك مسيح.. ولا جلجله
ونحن هنا..
نتسناسل مثل الزواحف في الغرف المقفله
فأين هو الشارع العربي
الذي كان يبصق نارا؟
ولا يعرف الفرق بين القصيدة والقنبله..
لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
ونحن توابيت مصنوعة من رخام
نبايع أي عقيد يجيء..
ونلعق جزمة أي نظام..
ونلبس جلد النمور
ونحن حمام
ونزعم أنا جبال
ونحن نطير اكل اتجاه
كريش النعام..
كريش النعام..
5
لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
يحاصرنا الروم من كل صوب
وليس هنالك من يتأثرون..
ويسقط نخل العراق جريحا
ولا صوت يثقب أعماق هذا الظلام
ولا شيء يطلع من هذه الأرض
إلا الطباق.. وإلا الجناس..
وإلا ألا عيب علم الكلام..
ويأكل سكان بيروت فئرانهم
وليس هنالك حزن
وليس هنالك من يحزنون
فأهل اللايين فوق ملايينهم نائمون
وأهل السياسة لا يقرأون.. ولا يكتبون..
وأهل الثقافة يلتقطون ذباب القاهي
وفي مرج قهوتهم يبحرون
وليس يدينا قصيدة شعر
تريد احتراف الجنون...
6
لقد مر عشرون عاما
لقد مر عشرون عام
ونحن نؤسس حكم الفبيله
وناغي حدود الوطن
ونرفع صورة شيخ القبيله
ونعبد في كل يوم وثن
لقد مر عشرون عاما علينا
لقد مر عشرون عام
نسينا بها عبق الياسمين،
وصوت المطر
تخاف العصافير منا..
ويضجر منا الضجر
إلى أن أخذنا
مع الوقت- شكل الحجر...
جرائدنا..
تتغرغر كل صباح بذات الخبر
شوارعنا..
تتقيء كل مساء ألوف الصور
وليس هنالك
ما يبهج القلب من كل أخبارنا
سوى نبأ..
عن دخول الميليشيات..
أرض القمر
7
يقد مر عشرون..
خمسون..
تسعون..
مليون عام
وما زلت أغمدة سيفي
بلحم الظلام
وما زلت أحرق كل الطبول،
وكل الحواة..
وكل الخيام..
وأشهد أني..
قرأت السرم على كل أهلي
ولكنهم لم يردون السلام
فهل كنت أقرأ شعري
على كومة من عظام؟؟
© 2024 - موقع الشعر