خطبتَ المجدَ بالأسلِ العوالي - ابن معتوق

خطبتَ المجدَ بالأسلِ العوالي
فَفُزْتُ بِوَصْل ابْكَارِ المَعَالِي

وحاولتَ العلا فلذذتَ منها
بشهدٍ دونهُ لسعُ النّبالِ

وجُزْتَ إِلَى الثَّنَا لُجَجِ المَنَايا
فخضتَ اليمَّ في طلبِ اللّآلي

وَقَارَعْتَ الخُطُوبَ السُودَ حَتَّى
أرضتْ جوانحَ النّوبِ العضالِ

وَاَرْعَشْتَ الْقَنَا حَتَّى ظَنَنَّا
نَفَخْتَ بِهِنَّ اَرْوَاحَ الصِلاَلِ

وصافحتَ الصّفاحَ فلاحَ فيها
وُجُوهُ الْمَوْتِ في صُوَرِ النِّمَالِ

حويتَ المجدَ أجمعهُ صبيّاً
تحنُّ هوى ً إلى الحربِ السّجالِ

تكنّي بالقريضِ عنِ المواضي
بِذِكْرِ قِصَارِ أَيَّامِ الوِصَالِ

وَعَنْ عَذْبِ القَنَا بِقُرُونِ لَيْلى
فَتَنْسِبُ فِي لَيَالِيهَا الطِوَالِ

فكمْ أقرحتَ أكبادَ الأعادي
وكمْ أرمدتَ أجفانَ النّصالِ

وكمْ صبّحتَ بالغارِ حيّاً
فأصبحَ ميتَ الأطلالِ بالي

و أمسى والدّيارُ معطّلاتٌ
مِنَ الْفِتْيانِ والْبِيضِ الحوَالي

وكم لكَ بالحويزة ِ يومَ حربٍ
تَشِيبُ لِهَوْلِهِ لِمَمُ اللَّيَالِي

وَيْومٍ مِثْلِ يَوْمِ الحْشَرِ فِيهِ
تميدُ الرّاسياتُ منَ الجبالِ

بهِ الأعلامُ كالآرامِ تسري
فتشتبهُ الرّعانُ معَ الرّعالِ

مهولٌ فيهِ نارُ الحقدِ تغلي
مراجلها بأفئدة ِ الرّجالِ

بهِ اجتمعتْ بنولامٍ جميعاً
تُسَتِّرُ جَانِبَ الطَّرفِ الْشِّمَالي

ولاذوا بالحصونِ فما استفادوا
نجاة ً بالجدارِ ولا الجدالِ

غُوَاة ٌ قَامَ بَيْنَهُمُ غَوِيٌ
يمنّيهمْ بأنواعِ المحالِ

جَزَى نُعْمَاكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً
فحلّتْ فيهِ قارعة ُ النّكالِ

تَخيَّلَ سِحْرَ بَاطِلِهِ لَدَيْهِمْ
وَأوْهَمَهُمْ بِحَيَّاتِ الْحِبَالِ

فَجِئْتَ بِبَيَّناتِ الْحَقِّ حَتَّى
تهدّمَ ما بنوهُ على الجبالِ

تَرُومُ رُمَاتُهُمْ غَيّاً وَغَدْراً
تصيبُ علاكَ في سهمِ اغتيالِ

أما علموا بأنّكَ يا عليٌّ
لَبَارِي قَوْسِهَا يَوْمَ النِّزالِ

تناءوا بالدّيارِ فكنتُ أسري
إِلَيْهِمْ بِالْخُيُولِ مِنَ الْخَيَالِ

مَلأْتَ الْرُّحْبَ حَوْلَهمُ جُيُوشاً
تكاثرُ عدَّ حبّاتِ الرّمالِ

إلى عقباتها العقبانُ تأوي
وتمدحُ في ضراغمها السّعالي

كتائبُ للحديدِ بها وميضٌ
تَمُرُّ عَلَيْكَ كَالسُّحُبِ الثِّقَالِ

وَلَّما لَمْ تَجِدْ للصُّلْح وَجْهاً
ولا للعفوِ عنهمْ والنّوالِ

قذفتهمُ بشهبٍ منْ حديدٍ
وأقمارٍ سواءٍ في الكمالِ

بُدُورٌ مِنْ بَنِيكَ تَحُفُّ فِيهَا
نجومٌ منْ بني عمٍّ وخالِ

سلالاتٌ إلى المختارِ تعزى
وأرحامٌ بهِ ذاتُ اتّصالِ

رَوَوْا سَنَدَ الْمَفاخِر عَنْ أَبِيهِمْ
وعنْ أجدادهمْ شرفَ الخصالِ

فعالهمْ وأوجههمْ سواءٌ
تَمَامٌ بِالجَمِيلِ وَبِالْجَمَالِ

جعلتهمُ أمامكَ في التّلاقي
مُقَدِّمَة َ الجُيُوشِ وَأَنْتَ تَالِ

فكنتض كفيلَ أظهرهمْ وكانوا
لَكَ الْكُفَلاَءَ مِنْ قُبُلِ النِّزالِ

إذا جفلَ الخميسُ ثبتَّ حتّى
يَعُودَ الْهَارِبُونَ اِلى القِتَالِ

كأنّكَ يا عليَّ المجدِ فينا
سَميُّكٌ يَوْمَ اَحْزَابِ الْضَّلالِ

حَمَلْتَ عَلى العِدَا وَبنُوكَ صَالُوا
فضاقَ بجيشهمْ رحبُ المجالِ

وَكَانُوا كالْجَوَارِحِ كَاسِرَاتٍ
فَوَلَّوْا مِثْلَ نَافِرَة ِ الرِّئَالِ

وَعَنْ نَارِ الظُّبَا لِلشَّطّ فَرُّوا
فكانَ الماءُ منْ نارِ الوبالِ

رأوا أنَّ الرّدى بالسّيفِ مرٌّ
فَذَاقُوا المَوْتَ بَالعَذْبِ الزُّلاَلِ

فكمْ صرعتْ سيوفكَ منْ هزبرٍ
بحِيَهِّم وَعَفَّتْ عَنْ غَزَالِ

لئنْ أغضبتَ بيضَ الشّوسِ منهمْ
فقدْ أرضيتَ بيضاتِ الحجالِ

ترَكْتَ سُرَاتَهُمْ صَرْعَى غَدَاة
وحزتَ الحمدَ في سترِ العيالِ

أَلاَ يَامَعْشرَ الاَعْرَابِ كُفُّوا
وتوبوا عنْ خبيثاتِ الفعالِ

فَإِنْ تُبْتُمْ فَبُشْرَاكُمْ بِعَفْو
وَمَغْفِرة ٍ وَحُسْن مَآلِ حَالِ

وإنْ عدتمْ يعدْ يوماً بأخرى
تصبحكمْ أشدَّ منَ الأوالي

ليهنكَ سيدي فتحٌ قريبٌ
بَعِيدُ الصِّيتِ مُرْتَفعُ المَنالِ

وَنَصْرٌ لاَ يَزَالُ الْدَهْرُ مِنْهُ
عليكَ يزفُّ ألوية َ الجلالِ

فَلاَ بَرِحَتْ دِيَارُكَ مُؤْنِقَاتٍ
ورَوْحُ عُلاَكَ مَمْدُودَ الظِّلاَل

وَلاَ زَالَتْ شُمُوسُكَ مُشْرِقاتٍ
بِدَائِرَة ِ الزَّوَالِ بِلاَ زَوَالِ

© 2024 - موقع الشعر