سَلِ المَعشَرَ الأَعداءَ إِن رُمتَ صَرفَهُم - ابن زيدون

سَلِ المَعشَرَ الأَعداءَ إِن رُمتَ صَرفَهُم
عَنِ القَصدِ إِن أَعياكَ مِنهُ مَرامُ

أَتوكَ كَآسادِ الثَرى فَرَدَدتَهُم
كَما أَجفَلَت وَسطَ الفَلاةِ نَعامُ

مَضَوا يَسأَلونَ الناسَ عَمّا وَراءَهُم
فَيُخبِرُهُم بِالمُبكِياتِ عِصامُ

وَما ضاقَ عَنهُم جانِبُ العُذرِ إِنَّهُم
كَمِثلِ القَطا لَو يُترَكونَ لَناموا

فِداءٌ لِباديسَ النُفوسُ وَجادَهُ
مِنَ الشُكرِ في أُفقِ الوَفاءِ غَمامُ

فَما لَحَقَت تِلكَ العُهودَ مَلامَةٌ
وَلا ذَمَّ مِن ذاكَ الحِفاظِ ذِمامُ

وَمِثلُكَ والى مِثلَهُ فَتَصافَيا
كَما صافَتِ الماءَ القَراحَ مُدامُ

رَسيلُكَ في شَأوِ المَعالي كِلاكُما
بَعيدُ المَدى صَعبُ الهُمومِ هُمامُ

لَعَمري لَقَد أَحظَيتَهُ بِوِفادَةٍ
لِأَسنى كَريمٍ أَنجَبَتهُ كِرامُ

فَما اِنفَكَّ إِلّا عَدلَ نَفسِكَ إِن يَسِر
فَلِلجِسمِ لا لِلنَفسِ مِنكَ مُقامُ

حُسامُكَ مَهما تَختَرِطهُ لِمِثلِها
فَقَلَّ غَناءُ السَيفِ حينَ يُشامُ

© 2024 - موقع الشعر