أَما وَأَلحاظٍ مِراضٍ صِحاح - ابن زيدون

أَما وَأَلحاظٍ مِراضٍ صِحاح
تُصبي وَأَعطافٍ نَشاوى صَواح

لِفاتِنٍ بِالحُسنِ في خَدِّهِ
وَردٌ وَأَثناءَ ثَناياهُ راح

لَم أَنسَ إِذ باتَت يَدي لَيلَةً
وِشاحَهُ اللاصِقَ دونَ الوِشاح

أَلمَمتُ بِالأَلطَفِ مِنهُ وَلَم
أَجنَح إِلى ما فيهِ بَعضُ الجُناح

لَأُصفِيَنَّ المُصطَفى جَهوراً
عَهداً لِرَوضِ الحُسنِ عَنهُ اِنتِضاح

جَزاءَ ما رَفَّهَ شُربَ المُنى
وَأَذَّنَ السَعيُ بِوَشكِ النَجاح

يَسَّرتُ آمالي بِتَأميلِهِ
فَما عَداني مِنهُ فَوزُ القِداح

لَم أَشِمِ البَرقَ جَهاماً وَلَم
أَقتَدِحِ الصُمَّ بِبيضِ الصِفاح

مَن مِثلُهُ لا مِثلَ يُلفى لَهُ
إِن فَسَدَت حالٌ فَعَزَّ الصَلاح

يا مُرشِدي جَهلاً إِلى غَيرِهِ
أَغنى عَنِ المِصباحِ ضَوءُ الصَباح

رَكينُ ما تُثني عَلَيهِ الحُبا
يَهفو بِهِ نَحوَ الثَناءِ اِرتِياح

ذو باطِنٍ أُقبِسَ نورَ التُقى
وَظاهِرٍ أُشرِبَ ماءَ السَماح

أُنظُر تَرَ البَدرَ سَناً وَاِختَبِر
تَجِدهُ كَالمِسكِ إِذا ميثَ فاح

إيهِ أَبا الحَزمِ اِهتَبِل غِرَّةً
أَلسِنَةُ الشُكرِ عَلَيها فِصاح

لا طارَ بي حَظٌّ إِلى غايَةٍ
إِن لَم أَكُن مِنكَ مَريشَ الجَناح

عُتباكَ بَعدَ العَتبِ أُمنِيَّةٌ
ما لي عَلى الدَهرِ سَواها اِقتِراح

لَم يَثنِني عَن أَمَلٍ ما جَرى
قَد يُرقَعُ الخَرقُ وَتُؤسى الجِراح

فَاِشحَذ بِحُسنِ الرَأيِ عَزمي يُرَع
مِنّي العِدا أَلَيسَ شاكي السِلاح

وَاشفَع فَلِلشافِعِ نُعمى بِما
سَنّاهُ مِن عَقدٍ وَثيقِ النَواح

إِنَّ سَحابَ الأُفقِ مِنها الحَيا
وَالحَمدُ في تَأليفِها لِلرِياح

وَقاكَ ما تَخشى مِنَ الدَهرِ مَن
تَعِبتَ في تَأمينِهِ وَاِستَراح

© 2024 - موقع الشعر